داعش الاكثر خطورة في المنطقة .. وقد تقلب الموازين
المحامي حسـان باشـا
21-06-2014 03:34 AM
عام 2006 قامت محافظة الانبار وتحديدا ابناء العشائر هناك وبقيادة المرحوم الشيخ ستار ابوريشة " الريشاوي" بتشكيل وتسليح مجموعات من ابناء العشائر والمنطقة لمحاربة اعضاء تنظيم بلاد الرافدين " القاعدة " وكان قائد التنظيم في حينها ابو مصعب الزرقاوي، في ظل ما تعرض له شيوخ وابناء المنطقة من قتل وسلب واختطاب واعتداءات على كافة المصالح المتواجدة هناك مقرات للجيش العراقي والمراكز الامنية اضافة للقواعد الخاصة بالقوات الامريكية ، وسلب واحتجاز الصهاريج المحملة بالنفط من منطقة البيجة ، الامر الذي جعل محافظة الانبار وكانها معقل لتنظيم القاعدة ، عندها قرر اهالي وعشائر المنطقة ضرورة مواجهة هذا التطرف والخلاص من الارهاب الذي يعيشه اهالي المحافظة، وبدات المواجهات والتي ذهب ضحتيها العديد من ابناء العشائر وتحجيم التنظيم بعد مقتل الزرقاوي بل انها اصبحت شبه خالية من التنظيم ، وفي حينها شكلت بما يسمى مجالس الصحوة للعمل بالمحافظات الاخرى للقضاء على عمل التنظيم في مختلف المحافظات الامر الذي كان له المردود الايجابي على كافة المحافظات، كما ان الامريكان ادركوا بصعوبة التعامل مع التنظيم في منطقة لايعرفون طبيعتها وطبيعة ابنائها خاصة بعد ماتكبدوا من الخسائر بالارواح والمعدات وغيرها، وادركوا بان اهل مكة ادرى بشعابها .
بعد العملية الامريكية التي اسفرت عن قتل زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن، شعر الجميع بان التنظيم شبه انتهى خاصة بعد فقدان زعيمه الذي كان هدف لكافة الاجهزة الاستخبارية في العالم ، وبعد معاناة طويلة للامريكان من التنظيم بداية احداث الحادي عشر من سبتمر والعراق وافغانستان وكان اخرها استهداف عدد من كبار ضباط الاستخبارات الامريكية في احدى القواعد الامريكية في افغانتسان" خوست " وفقدان الاردن احد ضباطه ، وتعتبر عملية فريدة من نوعها حيث اربكت الامريكان ، اضافة لاستمرار التهديدات المتعلقة باستهداف المصالح الامريكية ، ولكن في الحقيقة التنظيم بعد خسارته لزعيمه كان في حالة اعادة هيكليته وقد تستغرق العملية لوقت .
بعد خروج الامريكان تدريجيا من العراق وتمهيدا لنقل الامور للسلطات العراقية لادارتها عاش العراق فترة من شبه الاستقرار من مايسمى بالمفخخات وغيرها ، ولكن الازمة السياسية الطائفية في العراق كان لها جزء واثر كبير فيما مايجري ، ولكن في الوقت الحالي عادت العراق وخاصة الانبار ومحافظات السنة الى مرعب العنف الارهابي ودخول تنظيم ما يسمى بـــ " داعش " .
التعامل مع مثل هذه التنظيمات الارهابية والمتطرفة ، وان كان الشعور بانها شبه مجمدة عن العمل العسكري، الا انها في حقيقة الامر تعمل على ترتيب صفوفها وبناء نفسها من خلال التدريبات والدعم المالي الذي يقدم لها لاستغلال الصراعات السياسية الموجودة في المنطقة وكذلك اعادتها لمربع الاعمال الارهابية والتخربية، خاصة وان الجهازية لهذه التنظمات سريعة وفعالة والمعروف عن محافظة الانبار كبر مساحتها وحدودها مع دول الجوار ( الاردن ، سورية ، السعودية ) وطبيعة المنطقة التي يستغلها الارهابيون في التنقل والاختفاء من متابعات الاجهزة الاستخبارية والقوات العسكرية ، كونها منطقة وعرة وتحتوي على سهول ووديان يتم فيها اخفاء معدات واجهزة التظيم اضافة لاعضائه ، ويجب ان لايغيب عن كافة الدول المعنية باعداد الجهازية للتعامل مع الواقع الحالي بكل دقة وحذر وعدم التهاون في اي اجراء يمس امن الوطن، خاصة وبعد تطور الاحداث في مختلف محافظات العراق وازدياد حجم العنف والعمليات الارهابية بشكل لم يسبق له مثيل .
عملية انشغال الدول العربية بموضوع الربيع العربي وتغيير الحكام والقيادات في بعض الدول التي طالها هذا الربيع قد ادت الى فوضى امنية لدى مختلف الاجهزة في التعامل مع التغيرات ومايجري على الساحة ، فعلى سبيل المثال مسيرة او مظاهرة واحدة في دولة ما قد ترهق الاجهزة الامنية في الترتيب لها ويحدث الارباك في حال حدوث عنصر المفاجاة ، وهذا الموضوع يدخل في حسابات عمل التنظيمات الارهابية بان هناك فوضى وارباك امني في بعض الدول يسهل على هذه التنظمات القيام بعمليات تستهدف مصالح حيوية بل قد تضرب مصالح عسكرية او امنية كما يجري حاليا في مصر من احداث، وما تعرض له خط الغاز الواصل للاردن للعديد من الهجمات .
اما موضوع القضية السورية وما يجري على ساحتها من صراعات داخلية خطيرة وعمل بعض التنظيمات الارهابية منها جبهة النصرة والان داعش واستغلال الاوضاع السياسية في المنطقة للتحرك وزيادة الامور سوءا كما يجري حاليا في العراق ، تعبتبر الاخطر في المنطقة بل قد يدخلها في دوامة لا تنتهي الى هذا الحد، خاصة وان الحدود المشتركة بين سورية والعراق من جهة ولبنان من جهة اخرى يسهل على هذه التنظيمات الدخول والتحرك مستغلين الفوضى والارباك الامني التي تعاني منه هذه الدول بسبب الاوضاع السياسية ، والبعض يسعى لنقل الصراع الى دول الجوار حتي يجعل المنطقة ساخنة ، خاصة وان ما يجري في محافظة الانبار وغيرها من المحافظات والعودة الى مربع العنف اصبح يشكل قلق لدول الجوار ومنها الاردن الذي دفع في السابق ثمنا لعدة اعمال تخريبية وعدة محاولات اخرى تم احباطها .
ان عودة تنظيم القاعدة ( داعش ) وغيره من التظيمات الارهابية بهذا الشكل والكم والقدرة هو دلالة ومؤشر على تلقي هذه التنظيمات لدعم مالي هائل للتحرك بهذ الشكل وقد يكون هناك دعم بالاسلحة والاشخاص المدربين لهذه الهجمات خاصة ماشهدته منطقة الفلوجة بالاضافة لبعض المحافظات العراقية واعلان حالة الحرب على التنظيم هناك لهو امر في غاية الخطورة بعدم المقدرة على السيطرة من استمرار استهداف المحافظات ، خاصة من له مصلحة باعادة المنطقة الى المربع السيء او نقل الصراع لدولة اخرى ....؟؟
ان دخول العراق في هذه الصراعات وبهذا الوقت هو دلالة بان هناك تخبط في السياسة الامريكية الخارجية وضعف القيادة الامريكية في التعامل مع القضايا المحورية في المنطقة بل على العكس هناك فشل حتى في القضايا التي يعتقدوا بانهم قد حققوا انجازا فيها ، مع الاشارة بما يجري من احداث في مختلف بعض الدول العربية منها اليمن ، ليبيا والسودان ....وهل سيكون بمقدور امريكا حل كافة الازمات بهذه الدول .....!!
حتى ان القوى العسكرية والاجهزة الامنية التي تتعامل مع هذه الصراعات اصبح لديها القلق والخوف والصراع النفسي من استمرار هذا الصراع مع مثل هذه التنظيمات التي تفاجىء بعملياتها والية تنفيذها خططها في ظل ازدياد نفوذها على العديد من الساحات خاصة العراق وسورية، علما بان الحرب اهون بكثير من التعامل مع هذه التنظيمات، وقد يكون السبب وراء انهيار محافظات العراق هو الخشية من شدة العنف التي تتعامل معه هذه المنظمات، في ظل عدم المقدرة على السيطرة على هذا التنظيم، كما ان نشر افلام الفيديو التي تصور الرعب والشناعة من عمليات التصفية التي يقوم بها تنظيم داعش ادت الى حالة من الهرع والخوف للعديد من المواطنيين وغيرهم .
قد تكون العراق مقبلة على مرحلة جديدة من التقسيمات الطائفية التي تشهدها مناطق السنة وكذلك مناطق الشيعة والاكراد، اضافة الى المطالبة بالتدخل الايراني بالطرق السياسية للحد من ما يجري في العراق، والامريكان وغيرهم مدركون مدى النفوذ الايراني في العراق وسورية وغيرهم من الدول العربية .
اخيرا ان مايجري حاليا هو الاخطر والادق على مختلف الساحات العربية خاصة التي تشهد الصراعات السياسية او الفكرية والخوف من نقل هذه الصراعات في ظل غياب او وجود فوضى امنية في بعض الدول التي مازالت تشهد صراعات داخلية ، فالوضع يتطلب من الكل ضرورة التكاتف والتسيق الامني المتواصل ورفع الجهازية لكافة الاجهزة الامنية وتبادل المعلومات بين كافة الدول المعنية بهذا الصراع والتنظيمات الارهابية .