عشر وسائل لاستقبال رمضان وعشر حوافز لاستغلاله
19-06-2014 11:36 AM
عمون - الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
هذه رسالة موجهة لكل مسلم أدرك رمضان[ ] وهو في صحة وعافية ، لكي يستغله في طاعة الله تعالى ، وحاولت أن تكون هذه الرسالة في وسائل وحوافز إيمانية تبعث في نفس المؤمن الهم[ ] ة ، والحماس في عبادة الله تعالى في هذا الشهر الكريم ، فكانت بعنوان " عشر وسائل لاستقبال رمضان[ ] وعشرة حوافز لاستغلاله "
فأسأل الله تعالى التوفيق والسداد وأن يجعل عملي هذا خالصاً لوجهه الكريم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين .
كيف نستقبل رمضان[ ] ؟
س: ما هي الطرق السليمة لاستقبال هذا الشهر الكريم ؟
ينبغي للمسلم أن لا يفرط في مواسم الطاعات ، وأن يكون من السابقين إليها ومن المتنافسين فيها ، قال الله تعالى { وفي ذلك فليتنافس المتنافسون } [المطففين :26]
فاحرص أخي المسلم على استقبال رمضان[ ] بالطرق السليمة التالية :
الطريقة الأولى : الدعاء[ ] بأن يبلغك الله شهر رمضان[ ] وأنت في صحة وعافية ، حتى تنشط في عبادة الله تعالى ، من صيام وقيام وذكر ، فقد روي عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أنه قال كان النبي[ ] صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال « اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان[ ] » رواه أحمد والطبراني - لطائف المعارف .
وكان السلف الصالح يدعون الله أن يبلغهم رمضان[ ] ، ثم يدعونه أن يتقبله منهم .
فإذا أهلّ هلال رمضان[ ] فادع الله وقل : « الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان[ ] والسلامة والإسلام ، والتوفيق لما تحب وترضى ، ربي وربك الله » رواه الترمذي والدارمي وصححه ابن حبان .
الطريقة الثانية : الحمد والشكر على بلوغه : قال النووي رحمه الله في كتاب الأذكار[ ] ( اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة ، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكراً لله تعالى أو يثني بما هو أهله وإن من أكبر نعم الله على العبد توفيقه للطاعة ، والعبادة فمجرد دخول شهر رمضان[ ] على المسلم وهو في صحة جيدة هي نعمة عظيمة ، تستحق الشكر والثناء على الله المنعم المتفضل بها ، فالحمد لله حمداً كثيراً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه .
الطريقة الثالثة : الفرح والإبتهاج ، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجئ شهر رمضان[ ] فيقول : « جاءكم شهر رمضان[ ] ، شهر رمضان[ ] شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه ، فيه تفتح أبواب الجن[ ] ان وتغلق فيه أبواب الجحيم ... الحديث » أخرجه أحمد .
وقد كان سلفنا الصالح من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين لهم بإحسان يهتمون بشهر رمضان[ ] ويفرحون بقدومه ، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان[ ] موسم الخيرات وتنزل الرحمات .
الطريقة الرابعة : العزم والتخطيط المسبق للإستفادة من رمضان[ ] ، الكثيرون من الناس وللأسف الشديد حتى الملتزمين بهذا الدين يخططون تخطيطاً دقيقاً لأمور الدنيا[ ] ، ولكن قليلون هم الذين يخططون لأمور الآخرة ، وهذا ناتج عن عدم الإدراك لمهمة المؤمن في هذه الحياة ، ونسيان أو تناسي أن للمسلم فرصاً كثيرة مع الله ومواعيد مهمة لتربية نفسه حتى تثبت على هذا الأمر ، ومن أمثلة هذا التخطيط للآخرة ، التخطيط لاستغلال رمضان[ ] في الطاعات والعبادات ، فيضع المسلم له برنامجاً عملياً لاغتنام أيام وليالي رمضان[ ] في طاعة الله تعالى ، وهذه الرسالة التي بين يديك تساعدك على اغتنام رمضان[ ] في طاعة الله تعالى إن شاء الله تعالى .
الطريقة الخامسة : عقد العزم الصادق على اغتنامه وعمارة أوقاته بالأعمال الصالحة ، فمن صدق الله صدقه وأعانه على الطاعة ويسر له سبل الخير ، قال الله عز وجل { فلو صدقوا الله لكان خيراً لهم } [محمد:21]
الطريقة السادسة : العلم [ ] والفقه بأحكام رمضان[ ] ، فيجب على المؤمن أن يعبد الله على علم ، ولا يعذر بجهل الفرائض التي فرضها الله على العباد ، ومن ذلك صوم رمضان[ ] فينبغي للمسلم أن يتعلم مسائل الصوم وأحكامه قبل مجيئه ، ليكون صومه صحيحاً مقبولاً عند الله تعالى { فاسألو أهل الذكر[ ] إن كنتم لا تعلمون } [الأنبياء:7]
الطريقة السابعة : علينا أن نستقبله بالعزم على ترك الآثام والسيئات ، والتوبة[ ] الصادقة من جميع الذنوب[ ] ، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها ، فهو شهر التوبة[ ] فمن لم يتب فيه فمتى يتوب ؟ قال الله تعالى { وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون } [النور:31]
الطريقة الثامنة : التهيئة النفس[ ] ية والروحية من خلال القراءة والإطلاع على الكتب والرسائل ، وسماع الأشرطة الإسلامية من المحاضرات والدروس التي تبين فضائل الصوم وأحكامه حتى تتهيأ النفس[ ] للطاعة فيه ، فكان النبي[ ] صلى الله عليه وسلم يهئ نفوس أصحابه لاستغلال هذا الشهر فيقول في آخر يوم من شعبان : « جاءكم شهر رمضان[ ] ... الحديث » أخرجه أحمد والنسائي - لطائف المعارف .
الطريقة التاسعة : الإعداد الجيد للدعوة إلى الله فيه ، من خلال :
1- تحضير بعض الكلمات والتوجيهات تحضيراً جيداً لإلقائها في مسجد الحي .
2- توزيع الكتيبات والرسائل الوعظية والفقهية المتعلقة برمضان[ ] على المصلين وأهل الحي .
3- إعداد - هدية رمضان[ ] ية - وبإمكانك أن تستخدم في ذلك الظرف بأن تضع فيه شريطين وكتيب ، وتكتب عليه هدية رمضان[ ] .
4- التذكير بالفقراء والمساكين ، وبذل الصدق[ ] ات والزكاة[ ] لهم .
الطريقة العاشرة : نستقبل رمضان[ ] بفتح صفحة بيضاء مشرقة مع :
أ- الله سبحانه وتعالى بالتوبة[ ] الصادقة .
ب- الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر .
ت- مع الوالدين[ ] والأقارب والأرحام ، والزوج[ ] ة والأولاد بالبر والصلة .
ث- مع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبداً صالحاً ونافعاً ، قال صلى الله عليه وسلم « أفضل الناس أنفعهم للناس »
هكذا يستقبل المسلم رمضان[ ] استقبال الأرض العطشى للمطر ، واستقبال المريض للطبيب المداوي ، واستقبال الحب[ ] يب للغائب المنتظر .
فاللهم بلغنا رمضان[ ] وتقبله منا إن أنت السميع العليم .
كيف تتحمس لاستغلال رمضان[ ] ؟
لكي تتحمس لاستغلال رمضان[ ] في الطاعات اتبع التعليمات التالية :
1- الإخلاص[ ] لله في الصيام[ ] :
الإخلاص[ ] لله تعالى هو روح الطاعات ، ومفتاح لقبول الباقيات الصالحات ، وسبب لمعونة وتوفيق رب الكائنات ، وعلى قدر النية والإخلاص[ ] والصدق[ ] مع الله وفي إرادة الخير تكون معونة الله لعبده المؤمن ، قال ابن القيم[ ] رحمه الله : وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته في ذلك يكون توفيقه سبحانه وتعالى وإعانته ...
وقد أمرنا الله جل جلاله بإخلاص العمل له وحده دون سواه فقال تعالى : { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } [البينة:5]
فإذا علم الصائم أن الإخلاص[ ] في الصيام[ ] سبب لمعونة الله وتوفيقه هذا مما يحفز المؤمن لاستغلال رمضان[ ] في طاعة الرحمن سبحانه وتعالى ( صيام + إخلاص لله ) = حماس وتحفيز .
2- معرفة أن النبي[ ] صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه بمقدم هذا الشهر الكريم :
وخصلة أخى تدعوك للتحمس لاستغلال رمضان[ ] في طاعة الرحمن ألا وهي : معرفة أن الرسو ل صلى الله عليه وسلم كان يبشر أصحابه فيقول : « جاءكم شهر رمضان[ ] شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه .. الحديث » وهذا يدل على عظم استغلال رمضان[ ] في الطاعة والعبادة ، لذا بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة[ ] الكرام ليستعدوا لاغتنامه .
3- استشعار الثواب العظيم الذي أعده الله للصائمين ومنها :
أ- أن أجر الصائم عظيم لا يعلمه إلا الله عز وجل « كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به»
ب- من صام يوماً في سبيل الله يبعد الله عنه النار[ ] سبعين خريفاً فكيف بمن صام الشهر كاملاً .
ت- الصيام[ ] يشفع للعبد يوم القيامة[ ] حتى يدخل الجن[ ] ة .
ث- في الجن[ ] ة باب يقال له الريان لا يدخله إلا الصائمون .
ج- صيام رمضان[ ] يغفر جميع ما تقدم من الذنوب[ ]
ح- في رمضان[ ] تفتح أبوان الجن[ ] ة وتغلق أبواب النيران
خ- يستجاب دعاء الصائم في رمضان[ ] .
أخي هلا أدركت الثواب العظيم الذي أعده الله للصائمين
فما عليك إلا أن تشمر عن ساعد الجد وتعمل بهمة ونشاط لتكون أحد الفائزين بتلك الجوائز العظيمة .
4- معرفة أن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان[ ] الإكثار من أنواع العبادات :
وكان يخص رمضان[ ] من العبادة بما لا يخص غيره من الشهور ، ومما يزيدك تحمساً لاستغلال رمضان[ ] أن تعلم أن رسولك العظيم صلى الله عليه وسلم كان يكثر من أنواع العبادة بما لا يخص غيره من الشهور الأخرى ، فهل لك في رسول الله قدوة وأسوة ؟ والله تعالى يقول { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } [الأحزاب:21]
فتُكثر من أنواع الطاعات في هذا الشهر .
5- إدراك المسلم البركة في هذا الشهر الكريم ، ومن ملامح هذه البركة حتى تزيدك حماساً :
أ-البركة في المشاعر الإيمان[ ] ية : ترى المؤمن في هذا الشهر قوي الإيمان[ ] حي القلب[ ] ، دائم التفكر ، سريع التذكر ، إن هذا الأمر محسوس لانزاع فيه أنه بعض عطاء الله تعالى للصائم .
ب- البركة في القوة الجسدية : فأنت أخي الصائم رغم ترك الطعام والشراب ، كأنما ازدادت قوتك وعظم تحملك على احتمال الشدائد ، ومن ناحية أخرى يبارك الله لك في قوتك فتؤدي الصلوات المفروضة ، ورواتبها المسنونة ، وبقية العبادات رغم الجوع والعطش .
ج- البركة في الأوقات : تأمل ما يحصل من بركة الوقت[ ] بحيث تعمل في اليوم والليلة من الأعمال ما يضيق عنه الأسبوع كله في غير رمضان[ ] .
فاغتنم بركة رمضان[ ] وأضف إليها بركة القرآن ، واحرص على أن يكون ذلك عوناً لك على طاعة الرحمن ، ولزوم الإستقامة في كل زمان ومكان .
وهذا مما يزيدك تحمساً وتحفزاً على استغلال بركة هذا الشهر .
6- ومما يعين على التحمس لإستغلال هذا الشهر الفضيل في الطاعة :استحضار خصائص شهر رمضان[ ] .
أخي الحب[ ] يب خص الله شهر رمضان[ ] عن غيره من الشهور بكثير من الخصائص والفضائل منها :
أ - خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك
ب - تستغفر الملائكة[ ] للصائمين حتى يفطروا .
ج - يزين الله في كل يوم جنته ويقول « يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المؤونة والأذى ثم يصيروا إليك »
ح - تفتح أبواب الجن[ ] ة وتغلق أبواب النار[ ]
خ - فيه ليلة القدر[ ] هي خير من ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم الخير كله
د - يغفر للصائمين في آخر ليلة من رمضان[ ]
ر - لله عتقاء من النار[ ] في آخر ليلة من رمضان[ ]
7- استشعار أن الله تعالى اختص الصوم لنفسه من بين سائر الأعمال :
ومزية عظيمة يحصل عليها مستغل رمضان[ ] في الخير ، تجعل المرء لا يفرط في رمضان[ ] ألا وهي : أن الله تعالى اختص قدر الثواب والجزاء للصائم لنفسه من بين سائر الأعمال كما في الحديث ، قال صلى الله عليه وسلم : قال الله عز وجل : « كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ... » إن هذا الإختصاص مما يزيد المؤمن حماساً لاستغلال هذا الفضل العظيم .
8- معرفة مدى اجتهاد الصحابة[ ] الكرام والسلف الصالح في الطاعة في هذا الشهر الكريم :
لقد أدرك الصحابة[ ] الأبرار فضل شهر رمضان[ ] عند الله تعالى فاجتهدوا في العبادة ، فكانوا يحيون لياليه بالقيام و وتلاوة القرآن ، كانوا يتعادون فيه الفقراء والمساكين بالصدق[ ] ة والإحسان وإطعام الطعام وتفطير الصوام ، وكانوا
يجاهدون أعداء الله في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا ويكون الدين كله لله .
9- معرفة أن الصيام[ ] يشفع لصاحبه يوم القيامة[ ] :
وخصلة أخرى تزيدك تعلقاً بالصيام[ ] وحرصاً عليه هي أن الصيام[ ] يشفع لصاحبه يوم القيامة[ ] عند الله تعالى ، ويكون سبباً لهدم الذنب عنه ، فنعم القرين ، قرين يشفع لك في أحلك المواقف وأصعبها ، قال صلى الله عليه وسلم « الصيام[ ] والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة[ ] : يقول الصيام[ ] أي رب منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان » رواه أحمد في المسند .
10 - معرفة أن رمضان[ ] شهر القرآن وأنه شهر الصبر[ ] :
وأن صيامه وقيامه سبب لمغفرة الذنوب[ ] ، وأن الصيام[ ] علاج لكثير من المشكلات الإجتماعية ، والنفس[ ] ية ، والجن[ ] سية ، والصحية .
فمعرفة كل هذه الخصال الدنيوية والأخروية للصائم مما يحفز على استغلاله والمحافظة عليه .
هذه بعض الحوافز التي تعين المؤمن على استغلال مواسم الطاعات ، وشهر الرحمات والبركات ، فإياك والتفريط في المواسم فتندم حيث لاينفع الندم ، قال الله تعالى { وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً } [الإسراء:21]
نسأل الله أن يتقبل منا الصيام[ ] والقيام وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . (طريق الاسلام).