التعاون بين أميركا وإيران في العراق ليس جديداً ولا مفاجئاً، فقد تعاونت إيران سابقاً في تسهيل مهمة القوات الأميركية في احتلال أفغانستان والقضاء على حكم طالبان المعادي لإيران، كما تعاونت معها بعد ذلك مرة أخرى في تسهيل احتلال العراق والقضاء على صدام حسين وحزب البعث أي حائط الصد ضد مطامع إيران في المنطقة العربية.
حكام إيران عمليون، لا يربطون بين السياسة والأخلاق، فالغاية تبرر الوسيلة، وإذا كانت أميركا الشيطان الأكبر عندما كان المطلوب كسب الشعبية والشرعية على صعيد الشعوب المقهورة، فإن أميركا أصبحت الملاك الحارس والحليف المناسب وهي تقوم نيابة عن إيران بالقضاء على أعدائها.
قادة أميركا بدورهم لا يقلون. انتهازية سياسية (يسمونها براجماتية) عن نظرائهم في إيران، فهم بالتأكيد لا يحبون إيران الملالي، ولكنهم يلاحظون أنها قوة بازغة في المنطقة، وأن التعاون معها يسهل المهمة ويخفـّض التكاليف.
في وقت واحد تقريباً أعلن الرئيس الإيراني روحاني استعداد بلاده للتعاون مع أميركا في محاربة الإرهاب السني في العراق، وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري بأن التعاون مع إيران وارد، وأن أميركا منفتحة على هذا التعاون، ولا تستبعد العمل العسكري المشترك.
المحور الإيراني الأميركي فرضته رؤية الجانبين لتحقيق مصالحهما وطموحاتهما في المنطقة. ومن الواضح أن أميركا لم تقصر في خدمة إيران، فقد منعت إسرائيل من ضرب الأهداف الذرية في إيران، ومنعت مجموعة الدول الست التي تتفاوض مع إيران حول مشروعها النووي من تشديد العقوبات على إيران بحجة أن ذلك لن يكون بناءً. ولا ننسى أن الاتفاق مع إيران في جنيف بتنازلات أميركية أطلق يد إيران في تخصيب اليورانيوم واعتبر خدمة أميركية على إيران أن تقابلها بالمثل.
يجب أن لا نفاجأ عندما يتبلور في وقت قريب محور إيران-إسرائيل، فهما قوتان مهمتان في منطقة عربية ضعيفة وغنية ومتاحة للتدخل الخارجي، فلماذا لا يتفقان على اقتسام الغنائم.
عراق صدام حسين كان حائط الصد في وجه التوسع الإيراني، فقامت أميركا بتدميره وفتحت الباب على مصراعيه لتهديد دول الخليج العربية، وتمديد حدود إيران إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط مروراً بالعراق وسوريا وجنوب لبنان.
الوطن العربي منكوب بدول جوار لها مطامع في الوطن العربي، بعضها أصلاء كإيران وتركيا وبعضها الآخر دخلاء كإسرائيل وأميركا.
(الرأي)