مع اننا شعب واحد وعادات واحدة وتقاليد واحدة.. الا أن اعياد ميلادنا تختلف في طقوسها من مكان الى مكان..
مثلا في مناطق عمان الراقية لا يخجل المرء مهما بلغ من العمر عتيا أن يطفئ الشمع وأن يغني له الاحباب والاصحاب: يالا حالا بالا.. ولا يمانع أبدا من ارتداء «طربوش» مزركش حتى لو أصبح شكله مثل «ديك الحبش» .. المهم أنهم يفرحون في مناسباتهم العائلية ولا يهمهم أبدا ان اقتربت «داعش» من بغداد او قرر النسور رفع الاسعار او أعلن حرس الحدود عن تفجير ثلاث سيارات عبرت الحدود !!
بينما مواطن مثلي حسب الدستور الاردني له كامل الحقوق وعليه كامل الواجبات يحرم منذ نعومة أظافره من اقامة حفل عيد الميلاد وذلك لاسباب اما داخلية او خارجية بحيث لا يوجد له في ذاكرة الحياة ولو صورة واحدة له وهو يلبس «الطربوش» !! حين تسأل عن سبب عدم إقامة حفل عيد ميلاد لشخصي الكريم في سنوات عمري الاولى وذلك مثلي مثل اطفال «موزامبيق» يقولون لك في السنة الاولى توفي ابن عم خالة جدة أبوي ومن العيب اقامة حفل عيد الميلاد واقارب لنا «مجبرين» مع أن «بان كي مون» قد يكون أقرب لي من المرحوم حسب تسلسل الاجداد، ومع ذلك حرمت من عيد الميلاد في عامي الاول !! اما في السنوات التي تليها فتصادف ان جارة لأهلي «طرحت» مولودها فصدر مرسوم عائلي بمنع إقامة عيد الميلاد شعورا مع «الجارة» .. وكذلك تصادف في احدى السنوات ان عاد الخميني الى إيران فكان الجميع مشغولا بمتابعة احداث الثورة الايرانية وتداعياتها على المنطقة ولا وقت لديهم في إقامة حفل عيد ميلاد لي والمنطقة مشغولة بعودة الخميني !! تمضي الايام ولا يحتفل بعيد ميلادي العام تلو العام، فمرة يتصادف ان عقط «بغل» قريبا لنا فتركوني عند الجيران وهبوا للتبرع بالدم لاصابته بنزف على أن يحتفلوا بعيد ميلادي.. ومرة عقدوا النية على الاحتفال بعيد ميلادي فاشتعلت الحرب الايرانية العراقية فاشتروا بدل «الجاتو» كاز ومصابيح يدوية وشمع لوازم الحرب.. وحين كانت الاحداث العالمية تسمح بإقامة عيد ميلاد لي كان شوفير باص يفقد السيطرة على الكوابح على طريق العارضة فينزلق الباص الى الواد وذلك صبيحة يوم عيد ميلادي فينتشل الدفاع المدني عشرات الجثث فيصاب الجميع بالحزن ولا يقام عيد الميلاد.. وحين كانت الاحداث العائلية تسمح بإقامة عيد الميلاد كان الاخوة في فلسطين يعلنون الانتفاضة فيصبح التبرع للاخوة اولى من صنع «التبولة» .. وحين كانت تهدأ الانتفاضة وتسمح الظروف بإقامة عيد الميلاد يرسب قريب لك في انتخابات جمعية تعاونية فيصبح من العيب اقامة عيد الميلاد.. وحين يسود الامن والامان ربوع الوطن وتتهيأ للاحتفال بعيد ميلادك يجتاح صدام حسين الكويت فيصبح تخزين المواد الغذائية اولى من اقامة اعياد الميلاد !!
قبل ايام تصادف عيد ميلادي.. وعندما قررت أن أحتفل للمرة الاولى في عيد ميلادي، «داعش» اصبحت على مشارف بغداد وأعياد الميلاد أصبحت «حرام» ، كما أنه ومن حسن ظني ان بعثة صندوق النقد الدولي موجودة الان في عمان.. لذلك قالوا لي عندما دعوتهم لعيد ميلادي: تا تطعم اولادك خبز بالأول !!
واين منظمات حقوق الانسان عن عيد «ميلادي» ؟!!
(العرب اليوم)