facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




أدب المكان .. ام النعام قُرة العيون


د. سمر الشديفات
18-06-2014 02:47 PM

أم النعام تستلقي على الجهة الغربية من مدينة المفرق تبعد حوالي 9 كم, تمتد كعقد اخذ بمزاجه خطٌ يعَوج تارة الى اليمين وتارة الى اليسار وفي كل عقدة هناك محطة : أم النعام الغربية , أم النعام الشرقية , بويضة الحوامدة.

معظم سكانها من عشيرة المشاقبة بني حسن, الذين نثروا بيوتهم هنا وهناك كحبات لؤلؤ سقطت بفعل يدٍ ماهرة على قماش ضارب الى السمرة قريبة من خيطها الذي يلتوي بين البيوت كنوتة موسيقية معلنة العشق لأهلها الذين امتازوا بالطيبة والاصالة والديباجة الحسنة.

أم النعام تتغنى بها صفحات تاريخ عريق مؤججَ بحكايات البطولة التي توجت الكثير من الذين يقطنوها ويتنفسوا نسائمها المطعمة بموسيقى فيروزية في الصياح وموسيقى ام كلثوم في المساء, كلما تتذوق هوائها تحتار بطعمه فهو آتي من اقصى الغرب يمر بمنشية بني حسن رفيقتها من القرى التابعة لبني حسن, وكلما تجوب المكان هناك تجده يرصع روحك بهواء عليل مشبع برائحة الهيل وخبز "الشراك" اللذان يأخذاك الى أقصى غرف الذاكرة التي يحفها حكايات العجائز.

ومن حكاياتها المعروفة حكاية "شفيعة" وهي قصة اسطورية تحمل رسالة في فحواها وهي ان اهلها فيهم الشجاعة والقوة والعزيمة على تحقيق مرادهم رغما عن الطبيعة. وقفتُ في شرفة احد الطاعنين في السن فسألتهُ عن حكاية شفيعة فَضحِك حتى بدت نواجذه فعدل جلسته ولثم وجهه بيديه يومئ الى الشغف في سرد القصة وقال: " ودي اسولفلج يا بنيتي القصة وتراها خرافة اتداولناها بقصد انو ما حد يقدر يعادينا ويطا ثوبنا".

فقال ان هناك شاب من العشيرة قد وجد "شفيعة" وهي مجموعة من الصوف فأحتفظ بها ليستفيد منها وتفاجئ الشاب الفارس ان كومة الصوف تتحدث معه وفي صوتها صوت أنثوي جميل ففجأة خرجت منها فتاة جنية خاف الشاب ولم يتقبلها لكن بدأت الفتاة الجنية تلاحقهُ تود الزواج منه فتزوجها وجلبت له اطفال اقوياء فيهم خصال الجنية; القدرة والقوة والبسالة في مواجهة العدو.

أم النعام عقدي الخرافي ارشقي موسيقاك على شرفة قلبي علني اصحو من كدر الحياة علني احيا بين احضانك العمر كله ولا اغادرك, فيك من الخصال ما جعلني متيمٌ بك, فيك من الجمال ما جعلني لا ابرحُكِ ولا اقوى على مغادرتكِ, تُثيري جنوني كلما مررتُ بكِ مساءاً, تستفيق في دواخلي براءة الطفولة وتنتعش بنات الفكر وتنمو لتتسلق وجه القلب ليغرد بما يجول بخاطره من كلمات مترجماً عشقه السرمدي.

في الربيع تجتاحني نسائمُكِ وتلقيني بين عشبكِ الاخضر الذي يرسو على سطح الثرى معلناً لي اني بين جنان الارض, مرآك يلملم مزاجي كُلما كُسِرَ, تعرفين كيف تعالجين بأناملك عاشق مذهول بك حتى الجنون.

ام النعام فلتحفظكِ ايدي الطبيعة وترعاكِ لتبقي عروسٌ يتغنىَ بِها القاصي والداني, مروري بكِ الى مسقط روحي المنشية يجعل راحة البال تسح على قلبي لتغطيه بماء من ورد, وكلما رمقت تلالك ترتبين بأناملك فوضى القلب وتأثثين روحي بفسحة الحياة. التجوال في شوارعك يشق سماء القلب لتمطر انغاماً يعجز اهل المدينة عن فهمها لأنها مغموسة بأنفاس أهلها الأطايب.





  • 1 محمد الحوامدة 18-06-2014 | 03:15 PM

    ربي يسلم هاللسان لوحة من لوحات الاستاذة سمر الشديفات

  • 2 هيثم الحراحشة 18-06-2014 | 03:25 PM

    مقالة رائعة، ومثال يحتذى في ادب المكان، وبالتوفيق الاخت سمر شديفات.

  • 3 عمر الجرادات . اليونيسف 18-06-2014 | 03:40 PM

    الاخت سمر الشديفات سفيرة النوايا الحسنة كلامك قمة في الروعة بصراحة شوقتيني لاهلي وجبال ام النعام الغالية سلم الانامل

  • 4 بدر بني اسماعيل - الكويت 18-06-2014 | 04:05 PM

    أحسنت سردا ...فهي كما قلت جميلة بعبق الذاكره و بأهلها الذين جعلوا من الحاضر والماضي لوحة مضيئه لطريق يرسم مستقبل مشرق...
    من أجمل الذكريات التي قضيتها في سلك التعليم كانت في محافظة المفرق بدايه من عام 2001. ونهاية في ام النعام الغربيه عام 2009

    ذاكره تستدعي الأيام الجميله بين أصدقائي و مع أهلي من عشيرة بني حسن ... فهي لا تختلف كثيرا عن عجلون مدينتي الأم ... ثمانية أعوام قضيتها في مدينة المفرق تكفي أن أكون شاهدا على المكان ... دمت بخير و محبه أيتها الكاتبة المبدعه....

  • 5 تسنيم مشاقبة 18-06-2014 | 04:06 PM

    قرأت النص عدة مرات لكن بصراحة ما وجدته بين السطور وبالعلن أجمل من الخيال الدكتورة سمر ما اجمل نظرة عيونك للأشياء اتقانك لاختيار الكلمات اكبر دليل على القدرة الي تميزك عن غيرك من الكتاب احسد كل مشقابي على هالكلمات الي انحكت فيهم نشكرك على المبادرة بالكتابة عنا كعائلة الله يوفقك يا فخرنا وذخرنا بنت من بنات الشديفات نعتز فيك وفي صيتك الي عبى الدنيا

  • 6 من ام النعام الشرقية 18-06-2014 | 05:48 PM

    اشكرك سمر. حريقة يا شفيعة.

  • 7 عبير مشاقبة / ام النعام الغربية 18-06-2014 | 05:55 PM

    "مروري بكِ الى مسقط روحي المنشية يجعل راحة البال تسح على قلبي لتغطيه بماء من ورد, وكلما رمقت تلالك ترتبين بأناملك فوضى القلب وتأثثين روحي بفسحة الحياة. التجوال في شوارعك يشق سماء القلب لتمطر انغاماً يعجز اهل المدينة عن فهمها لأنها مغموسة بأنفاس أهلها الأطايب. "
    هذا المقطع شدني ابدعت

  • 8 احمد بني حسن/ابوظبي 19-06-2014 | 11:42 AM

    ابدااااع تصوير رائع فيه انفاس الوطن

  • 9 احمد عليمات / 19-06-2014 | 12:42 PM

    مقال يليق بأبناء العمومه

  • 10 احمد عليمات / 19-06-2014 | 12:42 PM

    مقال يليق بأبناء العمومه


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :