facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




شمس العرب تشرق على الغرب **بقلم رتيبة الكايد ابوبقر

17-06-2014 06:24 PM

"شمس العرب تشرق على الغرب" عبارة لو قدر لنا أن نسمعها في وقتنا الحاضر فحتما لن تكون أكثر من تعليق على رسم كاريكاتوري أو عنوانا لمسرحية ساخرة ولكنه في واقع الأمر الاسم الذي يختصر ما احتواه كتاب المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه فاختارته ليكون عنوانا لكتابها الذي تتحدث فيه عن اثر الحضارة العربية على أوروبا وللتعريف قليلا بهونكه هي مستشرقة ألمانية ذائعة الشهرة عشقت العرب كثيرا وصرفت جل وقتها للدفاع عن قضاياهم والوقوف إلى جانبهم.

عاشت فترة من حياتها في مراكش وزارت العديد من البلدان العربية دارسة فاحصة.

وكتابها هذا هو ثمرة سنين طويلة من الدراسة الموضوعية العميقة. وكان ظهور هذا الكتاب حدثا كبيرا في ألمانيا وأوروبا اهتم به الكثير من النقاد الذين اتهموا هونكه بالتعصب للعرب والتحيز لهم.

هذا الكتاب الذي أثبتت فيه الكاتبة ان شجرة الحضارة الأوروبية الباسقة نبتت جذورها في ارض العرب وان هنالك شعوبا لهم حضارات قد طاولت النجوم عظمة وان تاريخ العالم بعلومه وآدابه وفنونه وطبه بدأ عربيا.

إن علاقة الغرب بالعرب منذ ظهور الإسلام حتى هذا اليوم لهي مثال تقليدي على مدى تأثير المشاعر والعواطف في كتابات التاريخ إذ انه كان وما يزال حتى يومنا هذا جماعة محدودة الآفاق بعيده عن التسامح الديني تبني الحواجز في وجه النور بتصرف نابع من شعور متجذر بأن تأثير معتنقي أي دين آخر غير مرغوب فيه لخطره الوهمي فتجد انه وبالرغم من أن الغرب والإنسانية كافه مدينون للحضارة العربية فتجد أن من يتصفح مئة كتاب تاريخي لا يجد اسما لذلك الشعب في ثمانية وتسعين منها هذا الشعب الذي كان رائدا لغيرة من الشعوب في غضون سبعمائة وخمسين عاما حاملا مشعل الثقافة ردحا جاوز عصر الإغريق بضعفيه.

وعندما اعترف الأوروبيون بدور العرب في التاريخ قالوا "إن العرب قد نقلو كنوز القدامى إلي بلاد الغرب" فحددوا للعرب دور ساعي البريد فقط وذلك للتقليل من دورهم ولطمس الكثير من الحقائق، والأمثلة كثيرة على ذلك فلمن يطلع على تاريخ الطب في العصور القديمة تصيبه الدهشة والإعجاب لما كان عليه حال الطب عند العرب فهناك ما يشبه إلى حد بعيد ما نراه في قرننا العشريني العظيم في وصف لمستشفيات بنيت قبل ألف سنه في كل المدن العربية فقد كان في مدينة قرطبة لوحدها خمسون مستشفى تتوافر فيها جميع شروط الصحة والجمال و والاسرة الوثيرة والأطباء البارعون الذين يقومون بإجراء العمليات الجراحية الدقيقة وأبوابها مفتوحة للغني والفقير مجانا وبعد أن يتعافى ويخرج المريض من المستشفى يخصص له راتب شهر كامل.

يحدث هذا في الوقت نفسه الذي كان فيه الفرنجة لا يعترفون بالطب وعلاج الجسد ويعتبرون تناول العقاقير وإجراء العمليات واستخدام الآلات الطبية هو خروج عن تعاليم الدين ولا يؤمنون إلا بعلاج الروح فالعلاج قائم عندهم على مبدأ الاعتراف بالخطيئة إذ تقول هونكة أن المرضى كان يتكدسون في مراكز تابعه للكنيسة يفترشون القش.

النساء والرجال والأطفال بجميع أمراضهم المعدية وغير المعدية ينتظرون دورهم في الاعتراف أمام الكاهن.
وإذا استعرضنا جوانب اخرى للعلوم والمعرفة فبشهادة البابا سلفاستروس الثاني الذي اعتلى عرش البابوية في عام 999م عندما قال واصفا مكتبة الإسكندرية الفريدة في عصرها "انه لمن المعلوم تماما انه ليس ثمة احد في روما له من المعرفة ما يؤهله لان يعمل بوابا لتلك المكتبة وان لنا أن نعلم الناس ونحن بحاجه لمن يعلمنا، إن فاقد الشيء لا يعطيه " يتزامن ذلك مع اكتشافات ظهرت في الوقت نفسه فقد اكتشف الحسن ابن الهيثم قوانين الرؤى وأجرى التجارب بالمرايا بجميع أشكالها وشرح البيروني ارسطو طاليس العرب للفكر العالمي دوران الأرض حول الشمس ونشر أبو القاسم مبادئ الجراحة.

كل هذا جعل الغرب يقف مذهولا يتولاه الفزع وهو يشاهد العالم العربي يسير نحو قمة عصره الذهبي .
إن هذه ألقفزه السريعة المدهشة في سلم الحضارة التي قفزها أبناء الصحراء والتي بدأت من اللاشيء جديرة بالاعتبار في تاريخ الفكر الإنساني.

وكيف أمكن لشعب لم يمثل من قبل دورا حضاريا أو سياسيا يذكر أن يقف مع الإغريق في فترة وجيزة على قدم المساواة.

هكذا كانوا وهكذا أصبحنا فبالقدر الذي نزهو به فخرا بماضينا سنخجل من أن يكتب التاريخ حاضرنا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :