إضافة إلى العبء والقلق الشامل الذي وضعته الأزمة السورية – وما زالت–على الدولة والناس، جاءت أحداث العراق لتصنع قلقاً إضافياً ثقيلاً على أذهان الأردنيين، وكأن قدر هذا البلد وأهله تحمل آثار أزمات المنطقة وعبث الدول فيها والآعيب السياسة داخل هذه الساحات.
عبء قدوم موجات جديدة من الأشقاء العراقيين المتضررين من الإنفلات السياسي والأمني هناك يظهر على شكل قلق يضاف إلى المعاناة الشعبية من استمرار تدفق الأشقاء السوريين، والناس تخاف من موجات نزوح تتصل مع حركة السكان من الأشقاء العراقيين التي ما زالت مستمرة من عمان إلى بغداد وبالعكس، والناس لا تدخل في تفاصيل الأحداث في المدن العراقية التي سقطت من يد الحكومة هناك، لأن من الطبيعي أن يحدث النزوح على الأقل في المراحل الأولى وإلى أن يأمن الناس على أنفسهم بالعودة.
الأردنيون قلقون من تصاعد كبير في أعداد الأشقاء العراقيين وتأثير هذا على أجرة البيت وتكاليف المعيشة، بعدما دفع الناس آثار الهجرات السورية ومن قبلها العراقيون منذ عام 1990 مروراً بمحطة الإحتلال عام 2003 والتي ما زالت آثارها على الناس.
أما القلق الأمني والعسكري فهو الأخطر، فاليوم هنالك مئات الكيلومترات من الحدود مع سوريا والعراق، حيث الدولتان بلا حكومات مسيطرة على الحدود أو حتى داخل المدن، وكلا الدولتين مكتظتان بالتنظيمات المسلحة بالتطرف والتدريب والسلاح.
الثقة كبيرة جداً بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية، وهي ثقة تدعمها كفاءة الدولة في إدارة الملف السوري سياسياً وعسكرياً وأمنياً خلال السنوات الأخيرة، لكن العبء يزداد على الجهات المعنية وشهوة العبث تزداد لدى أطراف الفوضى من حولنا وغيرها، فضلاً عن أن ما يجري في العراق ليس حالة أمنية داخلية بل هي قصة إقيلمية، ربما لم تتضح حتى الآن الصورة التي يسعى إليها اللاعبون في نهاية المطاف.
كما أن الأردن لم يساهم في صناعة الأزمة السورية ولم يسعى لزيادة إشتعال النار فيها، فإنه أيضاً لم يفعل في الحالة العراقية بكل مراحلها، لكن قدرنا أن نكون من أكثر المتضررين، وقدرنا أن نتحمل العبء الأكبر ليس لأننا نتدخل في شؤون الآخرين، بل لأن نيران حرائقهم تصل إلى أطراف بيوتنا، بل أننا نشكل درعاً واقياً لدول شقيقة حولنا ستدفع أثماناً باهظة من أمنها لو لم يكن الأردن في أعلى مستويات الاستعداد والوعي.
هنالك قلق، ومن المؤكد أن عقل الدولة يتعامل بإحتراف وحكمة، لكن الناس بحاجة إلى أن تسمع ما يخفف القلق، مع إدراكنا جميعاً أن الدولة لا تتدخل في شؤون الآخرين، لكن قلق الناس يخص شؤوننا.
(الرأي)