يكاد المواطن العربي في هذه الايام ان يصاب بإحباط وحالة يأس شديد من من التعامل العربي والدولي مع الجرائم الوحشية التي يرتكبها العدو الصهيوني ضد الشعب العربي في فلسطين وفي غزة تحديدا، خاصة وان هذه الجرائم ترتكب على مرأى ومسامع العالم دون ادنى شعور بالوضع الانساني الذي يعانيه الشعب الفلسطيني من جراء المحرقة الاسرائيلية التي ترتكب ضده ليلا نهاراً.ولعل اكثر ما يدهش هذا المواطن هو التراجع الملحوظ في قوة ردة الفعل العربي على تجاه الاعمال العدوانية الاسرائيلية، حيث كان العرب في السابق يحتجون ويعبرون عن سخطهم بالوسائل العسكرية المحدودة ثم تراجع هذا التعبير ليقتصر على الطرق الدبلوماسية الشديدة اللهجة ثم انحسر الى الشجب والاستنكار الى ان وصل الى ليس الصمت وانما تحميل بعض الجهات الفلسطينية مسؤولية ما حدث مع الدعوة الخجولة لدولة الاحتلال بالكف عما تقوم به من أعمال عدوانية ضد الشعب الفلسطيني.

لكن نفس المواطن العربي لا زال يحدوه الامل بأن يشعر العرب بصحوة ربما تكون كبيرة بعد ان يتبين لهم ان اسرائيل لا تردعها الاساليب الدبلوماسية ولا المبادرات والدعوات ومد الايادي العربية اليها لتحقيق السلام المنشود، فالعرب من جانبهم لم يدخروا جهدا في اختراع اساليب للتعامل مع هذا الكيان الغاصب المحتل والتزموا طويلا بإحترام الدعوات الدولية للسلام بل ودخلوا في العملية السلمية عل هذا الكيان الغاصب يقتنع ان هناك حلولا اخرى - غير الحل العسكري واستخدام القوة بشكل حاقد وغير عقلاني - يمكن خلالها التفاوض حول القضايا العالقة واستمرار سير العملية السلمية والوصول بها الى حلول مرضية لجمع الاطراف.

لكن بالمقابل ومع كل ما قدمه العرب من تنازلات مؤلمة في سبيل تحقيق السلام الا ان دولة الاحتلال الاسرائيلي لا زالت تقابل كل خطوة عربية بإتجاه السلام بهجوم عسكري واعتداء اما ضد دولة عربية او في حال افلاسها من ايجاد دولة ضحية افتعلت ازمة مع الشعب الفلسطيني وصبت نار غضبها على هذا الشعب الاعزل، ولقد اثبتت التجارب العملية على ارض الواقع التهرب الاسرائيلي الواضح من اية التزامات قد تضطرها للقبول بإقامة الدولة الفلسطينية على ترابها الوطني او حتى النتازل عن الاراضي التي تحتلها، وحتى في حالة المفاوضات مع الدول العربية فإن اسرائيل تريد السلام المفصل على طريقتها والقائم على التطبيع دون اعادة الحقوق الى اصحابها لا السلام العادل القائم على الأرض مقابل السلام .

بقي ان نقول الا تخشى دولة الاحتلال الإسرائيلي من ان هذا الصمت العربي ربما لن يستمر طويلا وقد يتحول الى رد فعل اكثر قوة نتيجة للتمرد الاسرائيلي على كل المواثيق الدولية وكل الاعراف الانسانية في تعاملها مع الشعب العربي الفلسطيني؟ والا تدرك اسرائيل ان هذه الاعمال الوحشية تفعل فعلها في تأليب الرأي العام العالمي ضدها الامر الذي يمكن معه اذا استمرت في ارتكاب مثل هذه الاعمال العدوانية ان تجد نفسها وقد غاب عنها هذا الدعم الدولي الذي تحصل عليه الآن؟ ثم الا يقرأ قادة اسرائيل ومعهم الصهيونية العالمية دروس التاريخ التي تؤكد استحالة استمرار دولة الظلم العدوان وان مصيرها مهما عظمت قوتها نتيجة لسوء اعمالها الى الزوال؟ واخيرا الا يؤمن اهل الكتاب من اليهود بقول الله جل وعلا وهو أحسن القائلين " وان عدتم عدنا"!!!!.
kshogran@yahoo.com