الشعوب .. وثقافة القطيع !
المهندس هاشم نايل المجالي
16-06-2014 12:25 PM
كلنا يعرف ان هناك منظومتين لأثر الفقر والبطالة وصعوبة العيش الكريم على شعوب دول العالم الثالث، المنظومة الاولى تولد الرفض ويكون التعبير عن ذلك بشكل ظاهري كما نشاهد ذلك بالحراكات والاعتصامات والاضرابات وغيرها والمنظومة الثانية تولد الرضا بما قسم القضاء اي ان الشعب يكون مستسلماً لأمر الواقع ويكون خنوعاً قنوعاً لقرارات الحكومة فالشعوب التي اعتادت على تقديس الحكومات والامتنان الشديد لرؤسائها ولقراراتهم المجحفة وتبجيلهم بصورة او بأخرى هم من المنظومة الثانية وان ارادت ان تعبر عن امتعاضها لأي شيء فيكون بالسخرية اما على شكل نكات فكاهية او مشاهد وصور كاريكاتورية تعبر عما في قلوبنا لتفريغ الهموم والمشاكل والمعاناة الاجتماعية والسياسية حيث انهم لا يستطيعون العيش بحزن وألم ومعاناة طوال الوقت فالأدب الساخر في مفهومه العام لا يمتدح الجمال بل يعري القبح ويضعه في مكانه الصحيح ويظهر الحقيقة حيث يعتبر نوعاً من انواع التمرد على الامور غير المرغوب فيها وانتقاداً لما يجري لكن بقالب هزلي..
هذا النوع من الشعوب لم يقدر ولم يستطع ان يتجاوز ارض السلبية الى ارض المشاركة والمساءلة الفعلية العملية الانتاجية وتحقيق الديمقراطية..
وتتشدق معظم حكومات دول العالم الثالث على شعوبها بأنها دولة سيادة القانون وهو أمر يحلق في سماء الكلام والتمني ولكنه غالباً في تلك الدول لا يوجد في سماء الواقع حيث تسود بتلك الدول القرارات المجحفة بحق شعوبها ولقمة عيشهم وقرارات فوقية من زوايا غير ديمقراطية هدفها التغطية على قصورها بأدائها من كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتغطية عجز ميزانياتها بسبب عدم تمكنها من تحقيق اية استثمارات او انجازات واقعية ملموسة بالمقابل يكون هناك هروب للاستثمار من اجل ذلك كلة تتفشى السلبية وتقل الانتاجية ويزداد الفساد ويتقاعس المواطنين عن اي مشاركة سياسية او اجتماعية وفي مثل هذه الاجواء تتولد لدى تلك الشعوب ثقافة القطيع حيث تتعامل الحكومات مع شعوبها كقطعان والشعب يعتاد من جهته على ذلك فيسلك مواطنو تلك الدول شكلاً من اشكال عديدة يتكيف مع ذلك وكلنا يعرف ان ثقافة القطعان لا يمكن ان تفرز الا السلبية والاحباط وتكريس عدم المشاركة في اي منحى من مناحي الانتاجية او التطوعية او الخيرية كذلك الامور السياسية ويحتجب ايضاً عن المشاركة الانتخابية بلدية او برلمانية وحتى المشاركة بالاحزاب السياسية.
في الوقت نفسه نجد ان الكثير من المواطنين والمنتفعين واصحاب المصالح والمكتسبات الشخصية قد فقدوا حمرة الخجل التي كان الجميع يشتهر بها بعد ان فقد الكثير من الشعب الفرحة بوجود حكومات تعرف كيف تدير البلد باسلوبها وقراراتها المبطنة بغلاف الوطنية لثقل كاهل المواطن معيشياً وعملياً فالموت لا يوجع الموتى بل الموت يوجع الاحياء.
ولم تعد تلك الشعوب تتحمل الخير داخل الالم فلا تزال الشعوب تعاني من صعوبات في المعيشة حكومات تتناوب بالاساليب والمبررات المختلفة لرفع الاسعار والضرائب وفرض قراراتها المجحفة بحق شعوبها.
الحياء شيمة يسمو بها الانسان عن دونه من المخلوقات وخصلة منحها الله ليحفظ بها ماء وجه الانسان ورغم كل ذلك نجد سياسة التعالي والفوقية بالتعامل مع قضايا المواطنين زراعية او صناعية او استثمارية وماذا نفعل اذا خرجت كل الخيوط من ايدينا ولم يبقى لنا الا خيط واحد وهو الخجل لنمسك هذا الخيط ونحركه بحكمه وحذر لنحفظ البقية الباقية من ماء الحياء فلا تزرعوا الاهمال واليأس في قلوب شعوبكم فحصاده لن يسركم كما تروه.
حفظ الله هذا الوطن في ظل حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله.