إشهار الطبعة الثانية من كتاب «تاريخ الأردن في القرن العشرين» للموسى
16-06-2014 11:58 AM
عمون - في المكتبة التي تحمل اسمه داخل مركز الحسين الثقافي عند رأس العين، تجلى المؤرخ الأردني الراحل سليمان الموسى كعلمٍ من أعلام الوطن. وجاء حفل إشهار الطبعة الثانية من الجزء الثاني من كتابه المهم «تاريخ الأردن في القرن العشرين، 1958- 1995» الذي نظمته أمانة عمان الكبرى مساء أول من أمس برعاية أمينها وعقلها عقل بلتاجي، ومشاركة مختصين وإعلاميين ووزراء سابقين، كبعض ردِّ وفاءٍ لباحثٍ أفنى عمره يوثق الوطن، ويحفظ تاريخه، ويقلّب أحواله ومقاماته.
وبين كلمتين واحدة ترحيبية وأخرى ختامية، لاثنين من أنجاله: د. مروان سلميان الموسى ود. عصام سليمان الموسى، ألقى أمين عمان كلمة، وكذا د. بكر خازر المجالي من الديوان الملكي، وأستاذ التاريخ في جامعة مؤتة د. تيسير الزواهرة، ورئيس مجلس إدارة جريدة «الرأي» سميح المعايطة، ووزير الإعلام السابق عبد الله أبو رمان.
الفيلم الوثائقي الذي عُرِضَ بإشراف أبنائه وإعداد محبين ومريدين، وتضمن بعض مآثره وإنجازاته، ومقاطع من حوارات ومقابلات تلفزيونية أجريت مع المؤرخ الراحل، جعلت أمين عمان عقل بلتاجي يضيف بعض الأفكار على كلمته، قائلاً إن مشاهدته للفيلم أعادته وذاكرته إلى تعريف الأكاديمي والباحث الإنجليزي آرنولد توينبي للتاريخ أنه الجغرافيا المتحركة. بلتاجي رأى أن التاريخ في حالة الموسى ومنجزاته وطريقته ومنهجه هو الحقائق المتحركة المتوجة بلغة سردية مفعمة بالصدق والتلقائية والأمانة والنزاهة وحب الوطن. إنه سرد التاريخ وجعله قصة تروى وحقائق تبقى.
بلتاجي كشف في كلمته أن النية تتجه لإعادة طباعة مختلف أعمال الراحل سليمان الموسى بالتعاون مع عائلته ومع دار ورد للنشر والتوزيع في عمّان التي صدرت عنها الطبعة الثانية من الجزء الثاني من كتابه «تاريخ الأردن في القرن العشرين» وهي الطبعة التي وزعتها أسرة الفقيد يوم أول من أمس مجاناً على حضور حفل الإشهار الذي يمثل في الوقت نفسه حفل تأبين للمؤرخ الراحل في الذكرى السادسة لرحيله في التاسع من شهر حزيران من العام 2008. وقال إن هذا التوجه يأتي استكمالاً لنهج أمانة عمان في الحفاظ على الإرث المعرفي الأردني على وجه العموم، وما تركه لنا المؤرخ الموسى على وجه الخصوص، ومنه ما كتبه عن عمان: «عمان عاصمة الأردن»، وعن القدس «يا قدس»، وكتب أخرى مثل «وجوه وملامح» وغيرها.. وغيرها.
الأكاديمي د. بكر خازر المجالي وافق في كلمته على مقولة الموسى: إن تأليفي الجزء الأول من الكتاب (1900- 1957)، كان نوعاً من المغامرة، ووصفه بالدقيق قياساً على رأي المجالي إلى حجم المؤامرة التي صمد الأردن خلال عقود التأسيس في وجهها. وذهب إلى أن الأردن كان دائماً حقل ألغام و»وجهة المتآمرين والحاقدين، وإن صموده على المدى أسطوريٌّ، وبقاءه نوع من المستحيل قياساً مع حجم التخطيط ودقته وكثافته وتشابكه».
المجالي لاحظ وضع المؤلف عبارة للراحل الحسين في مستهل الكتاب تقول: إذا كنا قبلنا أن يظلمنا البعض، فإننا لن نقبل أن تُظلم معنا الحقيقة، موضحاً أن الحقيقة كانت ضالة الموسى وهو يواصل الإبحار في محيط متلاطم الأمواج.
أستاذ التاريخ في جامعة مؤتة د. تيسير الزواهرة اختار في كلمته المدونة على شكل ملاحظات، الجانب العلميّ البحثيّ المنهجيّ. وذهب إلى أن الموسى هو رائد المؤرخين الأردنيين ممن كتبوا ووثقوا وأخلصوا بعيداً عن المحددات الأكاديمية الصارمة. الزواهرة استعرض في مداخلته مآثر الراحل وإشراقات منجزه، كما وثق بعض الهنات الطباعية وبعض التواريخ المنقولة بشكل غير دقيق. وتساءل في سياق آخر: لماذا لا تبادر جامعة أردنية ما وتمنح الراحل درجة الدكتوراه الفخرية؟ هامزاً في قناة منحها هذه الأيام لكلّ من هبَّ ودب، أو حتى شراء منحها بأسعار زهيدة مخجلة.
رئيس مجلس إدارة جريدة «الرأي» الزميل سميح معايطة أكد في كلمته المرتجلة على أهمية الدقة والموضوعية عند احتفائنا بأعلامنا وروادنا وصنّاع أردننا. وطالب بمنهجية علمية معرفية تنضج وعي أجيالنا الصاعدة وتجيبهم عن أسئلة وجودهم: كيف بنيت الدولة الأردنية؟ كيف ننشئ وعياً وطنياً قومياً ناضجاً لدى أبنائنا؟ المعايطة رأى أن الأغنية التهييجية لا تكفي وكذا العاطفة التحريضية وحدها، إذ لا بد، برأيه، من بناء منظومة معلوماتية تؤسس لعلاقة عميقة وحقيقية وواضحة بين الإنسان الأردني وبين زمانه ومكانه. المعايطة قال في سياق متصل: كلما ذهبنا إلى المعلومة، كلما ابتعدنا عن شكليات الانتماء، مطالباً بحماية عاطفة حب الوطن والانتماء إليه بالعلم والمعرفة، وكذا صيانة الحماس بالوعي. وقال: علينا أن نقدم تاريخنا للأجيال اللاحقة بطريقة مؤثرة مقنعة، ولا بد، بحسبه، من وجود بنية تحتية راسخة من المعلومات التي من شأنها أن توطد علاقة الأردنيين بتاريخهم، ولا بد من توافق الهوى السياسي الأردني مع هوى علمي مدروس وقائم على أسس متينة راسخة، فعندما نقول لهم وصفي التل رمز، علينا أن نعزز هذه المقولة بالمعلومات، والإجابات، فلماذا هو رمز؟ ولماذا حابس المجالي، على سبيل المثال، رمز؟ وهكذا الأمر دواليك.
الزميل عبد الله أبو رمان تحدث في كلمته عن دور المسيحيين المهم في بناء الأردن الحديث، مستشهداً بأعلام منهم، مثل روكس بن زائد العزيزي وعبد الله العودات والفنان توفيق النمري وغيرهم. وليس بعيداً عن ذلك، بالتالي كما يرى أبو رمان، دور الراحل سليمان الموسى في التأريخ للأردن الحديث والمعاصر. كما أعاد التطرق لأهمية ما قدمه الموسى في ظل العداء والظلم الذي تعرض له الأردن. أبو رمان أشار إلى عمق عروبية الأردن منذ عهود الأنباط الذين قدموا للعربية أجمل ما فيها: حرفها وحرف قرآنها الكريم. الرأي