في عصر الابتزاز من يدفع الثمن؟
د. فهد الفانك
16-06-2014 03:29 AM
الاحتجاجات المطلبية كانت دائمأً موجودة، وكان أكثرها محقاً وأقلها تعسفياً، ولكن تلك الاحتجاجات كانت نادرة الحدوث، وتقتصر على العاملين في بعض شركات القطاع الخاص التي تستغل العاملين فيها وتنكر عليهم حقوقهم القانونية.
اختلف الوضع الآن فقد ضعفت مؤسسات وتراجعت هيبتها، ورضخت للابتزاز لمجرد شراء الوقت وتجاوز الأزمة، ولكن الاستسلام للابتزاز أغرى آخرين باتباع نفس الأسلوب وتحقيق نفس المكاسب.
عمال الكهرباء مثلاً يبتزون شركتهم ويهددون بقطع التيار عن المنازل والصناعة إذا لم يستجب لمطالبهم، وعمال الفوسفات لجأوا للعنف لوقف الإنتاج، والمعلمون يهددون بتعطيل الدراسة، والأطباء والممرضون يهددون بإهمال المرضى، والمهندسون يريدون علاوات أكبر. ومتقاعـدو شركات الإسمنت والمواصلات والفوسفات، الذين قبضوا كامل حقوقهم، ووقعوا مخالصات نهائية قبل عدة سنوات، يريدون الآن ابتزاز الشركات. أما عن قطع الطرق فحدث ولا حرج.
جماعات النفاق السياسي في عمان جاهزة لتأييد أية اعتصامات او إضرابات أو مطالب بصرف النظر عن أحقيتها، ويشمل ذلك إعلاميين ونواباً، فلا عجب إذا رضحت الحكومة أو ضغطت على الجهات المعنية لتلبية المطالب.
اصطلاح جـديد أصبح متداولاً بين المحتجين والمبتزين، فهم يهددون بالتصعيد، فما هو المقصود بالتصعيد إن لم يكن العنف وإلحاق الضرر بالمجتمع وأخذ المواطنين كرهائن.
تلبية المطالب لها كلفة فمن يدفعها؟ الجواب هو المجتمع ودافعو الضرائب وارتفاع المديونية. والذين يؤيدون المطالب التعسفية لا يعترفون بأنهم يأخذون موقفاً ضد المجتمع والدولة والمال العام والمصلحة العامة.
الجديد في الموضوع أن الابتزاز انتشر واستشرى على مستوى أجهزة الدولة ودوائرها ويشمل ذلك دوائر حساسة مثل ضريبة الدخـل والمبيعات، ودائرة الأراضي والمساحة، والأجهزة الإدارية للمحاكم.
لا نتحدث عن هيبة الحكومة بل عن هيبة القانون ومصالح الناس وحقوقهم.
العمل في الحكومة والشركات ليس إجبارياً وكل موظف ناضل ونافس وتوسط وقدم طلباً ليحصل على الوظيفة وهو يعرف ما لها وما عليها. وإذا وجد في نفسه كفاءة استثنائية واعتقد أنه يستحق في مكان آخر راتباً أعلى فما عليه سوى الاستقالة والانتقال إلى ذلك المكان وليس التخندق في الوظيفة والمطالبة بتغيير شروطها.
المطالب التعسفية دليل أنانية وشراهة، واعتداء على الوطن، لأكل لحمه وامتصاص دمه. والاستجابة لها فساد وتفريط وسقوط.
(الرأي)