هناك فروقات كبيرة في تكلفة المادة التموينية, مثل الحبوب, بين البلاد المتقدمة والبلدان النامية. ذلك مردّه أساساً إلى ارتفاع تكلفة الحصول على المعلومات بصورة آنية من قبل تجار تلك المواد التموينية الأساسية في الدول النامية.بعد انتشار الهاتف الخلوي, خاصة في الدول النامية, وجد أن فروقات التكلفة للمواد الأساسية في تناقص مستمر, حيث أن تجار تلك السلع الأساسية يستخدمون الهواتف الخلوية كأداة أساسية وضرورية للحصول على المعلومة وبسرعة. فالتاجر في الدول النامية يستطيع الآن, ومن خلال اتصالاته مع نظرائه في العالم كله, أن يقارن بين أسعار التكلفة في الدول المختلفة وكذلك تكلفة نقل تلك المواد, وان يقرر على أفضل الأسعار, وارخص السبل للنقل بشكل آني.
يعتبر الخلوي أداة فاعلة, وغير مكلفة نسبياً, للحصول على المعلومة, آنياً. فالآن لم يعد سوق تجارة الحبوب محلياً, وإنما عالمياً, وأصبح التنافس فيه لا يعتمد على مكان تواجد التاجر.
لقد قام فريق من علماء الاقتصاد في جامعة بيركلي/كاليفورنيا بدراسة قطاع تجارة الحبوب (Grains) في بعض دول أفريقيا. وقام الفريق بتمثيل هذا القطاع من خلال معادلات حسابية واستخدام الحاسوب لدراسة تأثير استخدام الهاتف الخلوي في الدول النامية على فروق أسعار التكلفة للحبوب بينها في العالم المتقدم والعالم النامي. لقد أخذت الدراسة بعين الاعتبار: أسعار التكلفة, وأسعار نقل الحبوب, والأمطار والعوامل الجوية, والأماكن المنتجة للحبوب في العالم, ومقارنة السعر النهائي للتكلفة في حالة استخدام الهواتف الخلوية من عدمها.
ووجدت الدراسة أن استخدام الهاتف الخلوي في الدول النامية للحصول على المعلومات الهامة, وبشكل آني, من قبل تجار الحبوب قد أدى إلى تخفيض فروقات أسعار التكلفة بحوالي 6.4% عالمياً, وتخفيض فروقات أسعار التكلفة إقليمياً بحوالي 10%.
وكذلك فقد وجدت الدراسة أن استخدام الهاتف الخلوي للأغراض المذكورة أعلاه قد أدى إلى انخفاض كبير لفروقات أسعار التكلفة بين الأسواق لأكثرها بعداً عن بعضها البعض, والأسواق التي طرق النقل لديها سيئة ومكلفة.
وكلما ازدادت نسبة انتشار استخدام الهاتف الخلوي للأغراض المذكورة كلما تقاربت أسعار تكلفة المواد التموينية (الحبوب أساساً) من بعضها البعض.
إن سوق تجارة الحبوب هي سوق شديد التنافسية, لذا فإن تمكين التاجر في الدول النامية من الحصول على المعلومة بسرعة وبشكل آني وذلك من خلال استخدام الهاتف الخلوي (وهي طريقة ذات كلفة منخفضة للحصول على المعلومة) يؤدي إلى تقليل فروقات التكلفة وبالتبعية تقليل السعر على المستهلك.
إن استخدام الهاتف الخلوي للأغراض المذكورة أعلاه يوفر طريقة ارخص للبحث عن أسعار التكلفة التفضيلية والطرق الأرخص للنقل, وفي نفس الوقت للبيع لعدد أكبر من الأسواق. وأهمية ذلك تتجلى أكثر في حالات الطوارئ عندما يكون هناك طارئ طبيعي يقلل من توفر مادة تموينية أساسية ما, فإن الحصول على المعلومة وبسرعة تصبح ضرورة ملحّة جداً.
إن تخفيض فروقات أسعار التكلفة للسلعة التموينية (الحبوب مثلاً أو الأسماك), من خلال استخدام الهاتف الخلوي للحصول على وإعطاء المعلومة, يرتبط طردياً بنسبة انتشار الهواتف الخلوية, وعدد الأسواق المستخدم فيها.
إن جميع النتائج والاستخلاصات المذكورة سابقاً هامة جداً لواضعي السياسات عالمياً, حكومياً, وللمنظمات غير الحكومية. وإن واضعي السياسات, فيما يتعلق بالمواد التموينية الأساسية, عادة ما يعتبرون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات على اخفض درجات سلم الأولويات مقارنة مع الاحتياجات الأساسية مثل الماء, السكن, السلع التموينية الأساسية والعلاج الصحي. إن وضع الاحتياجات الأساسية على أعلى درجات سلم الأولويات صحيح جداً, ولكن نستخلص هنا أن الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أدوات هامة وأساسية للتطوير لدى المزارعين, التجار للسلع التموينية الأساسية, وللمستهلك.
ويجب أن يتواجد الدعم السياسي والمادي لنشر هذه الأداة الفاعلة (الاتصالات اللاسلكية وتكنولوجيا المعلومات) حتى تتمكن الجهات المعنية من الحصول على المعلومة الضرورية والتي تؤدي إلى حياة أفضل للمستهلك. وهناك حاجة ضرورية لنشر استخدام الهاتف الخلوي في القطاعات المسؤولة عن توفير الحاجات الأساسية للإنسان من خلال وضع السياسات والتنظيمات السليمة.
عن العرب اليوم