مشروع قانون الأحزاب الجديد
المهندس مصطفى الواكد
15-06-2014 04:19 PM
يبدو أن الطعم الذي ألقته الحكومة في بحر الأحزاب الأردنية قد أتى أكله بطريقة فاقت كل التوقعات ، فأصبح النقاش حول قانون الاحزاب موضوعا رئيسيا في كل مؤتمرات الأحزاب ولقائاتها مما زاد حماس معالي الدكتور خالد الكلالده وزير الشؤون السياسية والبرلمانية ليعقد مزيدا من اللقاءات والندوات والمحاضرات مع الأحزاب ذاتها ومع مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالشأن العام وغير المعنية بدءا من جمعيات المتقاعدين وليس انتهاء بجمعيات الثقافة والفنون . ولم يعد الحديث عن أي موضوع آخر يجد آذانا صاغية وكأن كل أمورنا على ما يرام ولم يبق أي عائق أمام عملية الإصلاح سوى التعديلات على قانون الأحزاب ونقل تبعيتها من جهة حكومية إلى أخرى ، فمن وزارة الداخلية التي تتبع حكومة المملكة الأردنية الهاشمية إلى وزارة العدل التي أظنها تتبع نفس الحكومة ! إلى وزارة الشؤون البرلمانية والسياسية التي يتيع وزيرها حكومة الواق واق دون علمنا !!
المشكلة الرئيسية في مشروع القانون أنه لم يتعرض لما يشجع على نشوء بيئة مناسبة لحياة حزبية تؤسس لتعددية سياسية توصلنا إلى إمكانية تشكيل حكومات برلمانية طالما تحدث عنها جلالة الملك ، وانشغل بموضوعات إجرائية كأعداد المؤسسين وطرق تشكيل اللجان أو اللجنة الحكومية التي تتولى التعامل مع الأحزاب وترخيص عملها وأغفل موضوعا هاما وهو الوضع القانوني للإئتلافات الحزبية مع تعرضه لمواضيع الدمج والحل ، وقد تجلى ذكاء الحكومة معدة مشروع القانون بتخفيض الإشتراطات على تأسيس الحزب فنزل عدد المؤسسين المطلوب من 500 إلى 150 لتوقع الأحزاب في فخ المطالبة بإبقاء القيد وهي ( أي الأحزاب ) التي ما فتئت تنادي ليل نهار بإطلاق الحريات وكأن الحاكم يعفو والضحية تنادي بتشديد العقوبة .
الأحزاب التي تنادي بإحكام القيد على التأسيس تبرر ذلك بسوء نية المشرع بقصد إضعاف العمل الحزبي وتشرذمه بتشكيل أحزاب يسهل السيطرة عليها وشق صفوفها وخلق حالة من الفوضى السياسية في البلاد ، ونحن في هذا المقام لن ندخل في تفسير نوايا تلك الأحزاب التي قد لا ترغب بولادة أحزاب جديدة منافسة ! لكننا نقول بأن الحزب فكرة يمكن أن يحملها بداية صانعها لوحده ، والأصل أن يكتفى به مؤسسا وحيدا لأغراض الترخيص وما أن تجد فكرته رواجا بين الناس حتى يبدؤون بالانظمام لحزبه أو أن لا تلقى تلك الفكرة قبولا فيخرج صاحبها ملوما مدحورا ، لم ينل رضى الناس ولم يحقق شروط الحصول على التمويل اللازم من المال العام ( موازنة الدولة ) .
ما يلزم قوله في النهاية أن على الأحزاب أن تنمي نشاطها وانتشارها بين شرائح المجتمع من خلال تبني قضايا المواطنين المؤثرة في حياتهم اليومية ، وتتعهد بتقوية نفسها وأدائها ذاتيا ، قبل أن تنتظر ذلك من الغير ، لتفرض وجودها بقوة التأثير .