بعد مسيرة حياة حافلة بالعطاء ناهزت الماية عام رحل عنا الجندي المجهول محمد فلاح ابو عين ابو المنجد , ربما لا يعرف الكثيرون محمد محمود الفلاح ابو عين من جيل هذا العصر ولكن يعرفة ابناء جيله أمثال وصفي و هزاع و حابس و الشريف ناصر بن جميل و هاجوج المجالي و قاسم المعيايطه و محمد عوده نجادات و عطا الله غاصب ويوسف كعوش ورزق البطاينه وضيف الله الحمود و عقاب الخصاونه و صبحي ابو غنيمة و الشيخ موسى العجلوني ,و محمد سعيد العجلوني و فضل الدلقموني و كاتب الصفوف و ذوقان الهندواي واخرين . اما جيل هذا العصر فيعرفه الايتام و الارامل و الفقراء و ذوي الحاجات الخاصة و المعوزين .
ابو المنجد ليس ككل الرجال و دائماُ في قمة الشهامة والنخوة و الاناقة و العطاء و على اهبة الاستعداد لزيارة الفقراء والمعوزين و البحث عن الارحام و الاقارب و السعي لاصلاح ذات البين والامر بالمعروف و النهي عن المنكر .
ابو المنجد عشق ارض الاردن و ترابها و كان ضابطاُ من ضباط الحسين طيب الله ثراه و رفيق دربه ودافع عن ثرى الاردن ببندقيته التي حملها في مشواره العسكري وعشق عمان و القدس و الزرقاء و اربد و عجلون و السلط و و الكرك و معان و الطفيلة و العقبة , و كل شبر من ثرى الاردن .
كان ابو المنجد , يطل يومياُ بعد صلاة الصبح بطلة بهية شامخاُ بهامته العسكرية وباناقته التي لا تفارقه وربطة عنقة وهو يجلس على شرفة منزلة يحتسي فنجان القهوة لينطلق لعمل الخير من ناطفة الى اربد الى عمان ليتفقد الصغير و الكبير و الصديق و القريب , لا تمر مناسبة والا يكون اول السباقين و لا يمر عيد الا و يكون اول المعايدين , و لا يمر فرح الا و يكون اول المهنئين ولا يمر حزن الا و يكون اول المواسين , و لا يحدث مشكلة الا و يكون او المصلحين , و لا تكون معظلة الا و يكون اول الناصحين و لا تكون ماساة او مصيبة الا و يكون اول المتطوعين , و لا تكون حاجة الا و يكون اول المتصدقين و المتبرعين و لا يكون نداء الا ان يكون اول الملبين , حتى بعد وفاته ترك صدقات جارية لا يعلم بها الا الله واصحابها .
رغم ان ابو المنجد شارف على الماية عام , الا ان الجميع كان يشعر ان ابو المنجد شاباُ و لا زال في العمر بقية .رحل ابوالمنجد و معه ذكريات و ذكريات , ذكريات البطولة وذكريات الجيش العربي و ذكريات تضحيات ال 48 و ذكريات ال 67 , و ذكريات الشرف و الكرامة في 1968 . تألم كثيراُ عندما فقد الاخوة و الاحبة والاصدقاء و الزملاء من جيلة و رفقاء دربه حيث بقي فياُ للجميع الى ان لقي رضاء ربه.
لم يشكوا يوماُ من احد ولم يخرج من فمه الا الكلام الطيب و المعنى الطيب و النصيحة الطيبة . كان يستمع للكبير و الصغير و كان يثني على المبادرات الطيبة و يشجع على العمل بها , كان القدوة الحسنة والمثال الطيب , و قد زرع في كل من حوله حب الوطن و و حب قائد الوطن و التضحية من اجل الوطن في السلم و الحرب , و ان يكونوا دائماُ نشامى الوطن , و كانت كلمة نشامى لا تفارق مبسمه مقرونة بحب الوطن و التي تربى عليها في عسكريته في معسكرات الزرقاء و خو , فاصبحت كلمة نشمي تتداول على لسان الجميع منذ عشرات السنين الى يومنا هذا , وكأن حقوق ملكية هذه الكلمة " نشمي " تعود الى هذا الجندي المجهول المرحوم محمد الفلاح ابو عين .
عندما تلتقي بابو المنجد حتى قبل وفاته تنظر اليه كالاسد بطلعته العسكرية الاردنية البهية و عندما تقترب منه تشعر بالالفة و الحنين , في وجهة نور الابوة و الحنان و في قربه تشعر بالامان , في ضيافته تغيب في عالم الجود والكرم و الشهامة والسخاء والاقدام .
فقدناك ايها العم العزيز , ايها الاب الحنون . رحمك الله يا ابا المنجد رحمة واسعه و اسكنك فسيح جناته و حشرك الله مع الصديقين و الشهداء , و عزاؤنا ذكراكم الطيبة و ذاك الجيل من النشامى و النشميات الذين تربوا على يديك و ساروا و يسيرون على دربك ومسيرتك النقية العطرة .