الحسرة علينا وليس على شهداءنا الرضع
بسام بدارين
03-03-2008 02:00 AM
كما يوحدنا رسول ألله وسيد الخلق عليه الصلاة والسلام يوحدنا أيضا دم أطفال غزة المسفوح على جدار الكرامة العربية ليقول لصغيرنا قبل كبيرنا أننا دون مستوى التضحية والفداء وكذلك الحدث.
والبؤس وحده يدفعنا للمقايسة والمقاربة والغرق في التأويلات السياسية حيث يطالبنا البعض في لحظة غياب للضمير بالغرق في لعبة الإحتمالات على أساس ان ما حصل لم يكن ليحصل لو لم يكن قرار حماس مرتهن لطرف ما في الإقليم .لكن التاريخ .. تاريخنا الشخصي يقول لنا بوضوح ان هؤلاء في العصابة التي تحكم دولة متوحشة إسمها إسرائيل ليسوا بحاجة ولم يكونوا في الماضي بحاجة لأي ذرائع لكي يمارسوا لعبتهم المفضلة في {قتلنا} وليسوا بحاجة لأي حجج واهية حتى يأخذوا {حصتهم} من دمنا وبشكل موسمي وبالتالي فأخطاء حماس وإرتباطاتها بكل الأحوال لا تبرر وحشية جنرالات في الجيش الغاصب مارسوا فحولتهم الشيطانية على اللحم الطري في غزة المحترقة.
لذلك دعونا من القراءة السياسية المتخاذلة للمشهد حماس مخطئة .. نعم صحيح.. حماس لم تعد صاحبة قرار مستقل.. نعم صحيح.. حماس لا تملك برنامج للحكم ولإدارة دولة .. نعم صحيح... حماس توظف الدين .. نعم صحيح.. لكن الإسرائيلي متوحش .. قاتل أطفال رضع.. مصاص دماء في دولة غير أخلاقية أقامت مجدها على الدجل والكذب والخداع.. مستغلة حتى دماء اليهود في إطار لعبة إبتزاز {كونية} مكشوفة لنا نحن كضحايا.
أيهما أختار كإنسان .. كمسلم.. كعربي.. كأردني وفلسطيني.. أين أقف ؟ .. بكل الوضوح أنا في الخندق المعادي للوحش الإسرائيلي وبكل وضوح أقف في تلك المسافة التي لا تقبل القسمة على السياسة وانا أجمد لعبة التذاكي وأقوم بواجبي تجاه تجاه أطفالي وضميري لأقول لهم .. المكان لا يتسع لنا ولهم , ومعركتنا وجودية وهم الذين قرروا ذلك فإنتبهوا جيدا.
ومن هنا لاأرى أي مبرر للمضي قدما في قراءة {سياسية} بائسة لتفسير أسرار القصف الإسرائيلي للحم الطري في القطاع المكلوم الذي كشف عن عوراتنا كأمة.. ومن هنا لا تعجبني تلك القراءات الفقيرة وغير المهنية التي تمتليء بها الفضائيات العربية وهي تحاول البحث عن تفسير علمي وسياسي لما يحصل من طراز الإشارة للملف السوري او الأزمة اللبنانية او حتى حسابات باراك وأولمرت الداخلية .. كل هذا الكلام أسمعه وألقيه في سلة القمامة لإن الإسرائيلي ببساطة شديدة لا {يريدني} في المكان ليس فقط كفلسطيني ولكن كعربي وكمسلم وحتى كإنسان وليس فقط في فلسطين ولكن في المنطقة برمتها مما يظطرني للعودة للغة {الأخر} لكي أقول وانا منسجم تماما مع نفسي بأنهم{أقصد قتلة الكيان الغاصب} قرروا عدم الإعتراف بنا إلا كعبيد مسخرين لخدمة مشروع دولتهم المتوحشة وهو مشروع بكل الأحوال غير منجز ولن ينجز.
الإسرائيلي قصف ويقصف وسيقصف الأطفال في غزة ولبنان والضفة الغربية قصدا وبدون البحث عن مبررات وذرائع ورمزه للسلام سيء السمعة والصيت الإرهابي شيمون بيريز إعتبر ذلك دوما بين {الأخطاء} قائلا بان الأخطاء تحصل في الحروب وان الحرب هي الخطأ الأكبر.
هو لا يريد إلا السلام الذي يعزز {هيمنته} الإقتصادية والبشرية على الإنسان في المنطقة برمتها وانا إعتقدت للحظة ان تغيير هذه المعادلة ممكنة بالتعاون مع {ضمير العالم} الغائب... هو لا يراني أصلا إلا كعبد او كمسخر لخدمة مشاريعه على أساس ان ألله هو الذي إختاره وانه يمثل السماء.. انا فكرت بالأمور بشكل مختلف وتحدثت عن موازين القوى والعدالة والتنمية الإقتصادية .. إلخ.
انا وهو الأن وللمرة الألف خلال عدة عقود وجها لوجه امام الحقيقة الأساسية.. المكان لا يتسع لي وله بنفس الوقت .. عليه تصبح بقية الأمور مجرد تفاصيل إبتداء من المؤشر الأمريكي وإنتهاء بالعامل الإيراني مرورا بصواريخ التنك التي يرسلها محاصرون وجائعون من حماس ومرورا كذلك ببقية الإعتبارات التي ترددها قراءات السياسة البائسة.
.. إذا قيمة {محرقة} غزة الأخيرة تتمثل في أنها ذكرتيي بحقيقة يريد السياسيون ان أنساها والسؤال الأن ماذا نستطيع ان نفعل لكي نلقي ثوب المهزوم والمحبط واليائس؟ .. هذا سؤال مهم فبدلا من الإكتفاء بالشعور بالإحباط وإبداء الحزن على ضحايا القصف الوحشي الإسرائيلي يمكننا كأفراد ان نفعل الكثير.. مثلا تذكير أنفسنا بالحقائق المشار إليها سالفا حتى تتوقف لعبة الأوهام.
فليكن إفتدانا الرضع العزل في غزة وحاربوا بالنيابة عن الشعوب والجيوش العربية كما أفعل أطفال لبنان سابقا.. نستطيع الأن وضع صور شهداءنا الصغار من طيور الجنة بإذن إلله إلى جانب صور أطفالنا على الجدران وفي صالات منازلنا حتى نتذكر جميعا... يمكننا ان نعمل بإقتراح الصديق خيري منصور وهو كالتالي.. نحصي أسماء شهداء الأمة ونزرع شجرة في باحات بيوتنا ونطلق إسم شهيد على كل شجرة زرعناها... يمكننا أيضا ان نتجاهل قصة العامل الإقتصادي ونصائح تنظيم النسل لكي نتسلل إلى زوجاتنا ونزرع المزيد من الأطفال على أساس انننا جميعا كأردنيين وعرب ومسلمين أبناء أمة مستهدفة الوجود بالمعنى الفيزيائي وتحديدا من قبل الجيش الأمريكي وصنيعته الإسرائيلي.
وإذا فعلنا ذلك سنطلق أسماء الأطفال الذين إغتالهم الجيش الأسرائيلي بكفاءة على مواليدنا.
يمكننا بدلا من المسيرات والتظاهرات أو معها ان نستمر بالكلام والتحدث عن {الأخر المتوحش} خصوصا مع العالم الذي لا يعرف او الذي لا يريد ان يعرف .. في العالم جمعيات ومؤسسات مدنية وشخصيات وكنائس ومساجد يمكن ان نتحدث معها .. في العالم عقلاء وخبراء وباحثون عن الحقيقة ومثقفون يمكننا ان نحادثهم .
بإختصار هناك عشرات الأشياء المهمة التي يمكن ان نقوم بها للرد بدون كلفة أو إغضاب الحكومات بدلا من الإكتفاء بإطلاق الدموع والتحسر على أطفال ورضع غزة فنحن من يستحق الحسرة وليس شهداءنا الأطفال.