هل نجح "النظام" في الامتحان؟
جميل النمري
13-06-2014 04:17 AM
المقصود هنا هو النظام الداخلي الجديد لمجلس النواب، وللدقة التعديل المتعلق بآلية النقاش تحت القبة.
وقد يعتقد البعض أنه شأن فني ضيق، لا يحتاج إلى طرحه كموضوع عام في هذا المكان. ولكني أقول لهؤلاء إن معركتنا عندما تنزل من الأفكار والشعارات الكبيرة، فإنها ستدور بالضبط هنا على الأرض حول المقترحات العملية الصغيرة، وستجد الاصطفافات الرئيسة تحدث بوعي كامل بين أنصار الإصلاح وخصومه. فالشعارات والأفكار العامة يمكن أن تجد قبولا عاما ما دامت من دون ترجمة عملية، لكن حالما تصبح تطبيقا عمليا يستوجب تغيير ما هو سائد من ممارسة وثقافة ومفاهيم، فإنها تجد المقاومة وقد شبت وتصلبت والصعوبات تضاعفت.
وهذا ما حصل بالنسبة لتفصيل فني متعلق بآلية النقاش تحت القبة. فالذين كانوا ضد التغيير وضد الإصلاح، تمكنوا في الجولة الماضية من دحر مقترح التغيير، إذ أمكن إقناع الأغلبية بأن المقترح غير ضروري ويؤدي إلى تكميم الأفواه وتقييد حق النواب في إبداء الرأي. ولم يكن سهلا توضيح كيف أن الآلية الجديدة تسهم في تقوية المجلس في الحقيقة، وترتقي كثيرا بالعمل؛ فينتهي الصراع الشكلي المطول والعبثي على المايكروفون، والذي يُتعب المجلس ويشتت جهده وانتباهه، ويسمح للبعض بتمرير ما يريد.
لكن ضياع الوقت بصورة لا تحتمل تحت القبة، أقنع أغلبية النواب أخيرا بالآلية الجديدة التي تنقل النقاش الأساسي إلى اللجنة المختصة والكتل، حيث يجب أن تعمل كل وجهة نظر من أجل نفسها؛ فإذا فشلت تستأنف وجهة نظرها تحت القبة، حيث تكون المداخلات فقط لمن يحمل مقترحات بديلة.
التعديلات الجديدة التي أقرت أواخر الدورة العادية الماضية، كان يمكن تجويدها بوضع آلية أكثر تفصيلا وكفاءة. لكن هاجس تمرير المقترح جعل اللجنة تكتفي بنص قصير، يؤدي الغرض لحد ما. ولما كان التعديل قد أصبح ساريا بتوقيع جلالة الملك، فقد أصبح واجب التطبيق في هذه الدورة الاستثنائية. وبالفعل تم تطبيقه. ويمكن بعد ثلاث جلسات، إصدار حكم أولي بنجاح التعديل في تحقيق هدفه الأول، وهو اختصار النقاش وكسب الوقت. أما الهدف الثاني، وهو تجويد الأداء، فيحتاج إلى عمل مواز آخر ما يزال ينبغي تطبيقه.
لقد أمكن في أول جلستين إقرار قانون كبير مثل قانون نقابة المحامين، وفي جلسة إقرار قانون آخر أقل حجما. وقد تم ذلك ليس "سلقاً"، بل لأن الآلية لم تعد تسمح بالكلام هكذا؛ فلم يجب أن يأخذ عشرون أو ثلاثون نائبا الكلام وليس لديهم أي مقترح سوى التعليق على كلام من سبقهم؟
بتطبيق النظام الجديد، حصل كل من لديه مقترح آخر غير الموجود على حق تقديم مقترحه وشرحه والدفاع عنه، ثم الذهاب مباشرة إلى التصويت على المقترحات. وبذلك، أمكن اختصار 80 % من النقاش. بعكس ذلك، كنا ما نزال في أول قانون، وقد تنتهي الدورة الاستثنائية ولم نقر سوى قانونين أو ثلاثة.
القوانين لا "تُسلق" في النظام الجديد. لكن تجويد الأداء وتحقيق شراكة أعمق في الحوار، يقتضيان أن تتشكل اللجنة التي تبحث القانون لزاما على أساس تمثيل جميع الكتل، حيث تبحث كل كتلة مع ممثلها في اللجنة القانون المعني في اجتماعاتها. وهذا ما يجب تطبيقه ابتداء من الدورة المقبلة عند إعادة تشكيل اللجان.
(الغد)