ما يجري في العراق من سيطرة عسكرية على بعض المدن الهامة من قبل تنظيمات التشدد حالة عسكرية جديدة، فالأمر لم يعد عمليات تفجير أو اغتيالا أو هجوما ينتهي بأيام بل ( إحتلال ) عسكري منظم وإزالة كل سيطرة للحكومة العراقية في هذه المدن، أي إقامة سلطة لداعش في تلك المدن دون أي شريك، أو منازع.
والأمر يختلف عما هو الحال في سوريا حيث الدولة هناك تخوض حرباً مع عدة أطراف وسلطتها مفككة وضعيفة نتيجة تلك المعارك، ولهذا فالخطير والجديد هو قدرة هذه التنظيمات على إنتزاع السلطة الكاملة من بعض أجزاء الدولة العراقية.
ما جرى في العراق سيعزز القناعة لدى الولايات المتحدة وأوروبا ومعظم دول المنطقة بأن الاولوية هي الحرب على هذه التنظيمات وبخاصة وجودها الأبرز اليوم في سوريا والعراق، إضافة لما تمثله من تهديدات ليست بعيدة على دول الجوار السوري والعراقي والخليج...
قبل شهور تحدث وزير الأمن الداخلي الأمريكي أن ما يجري في سوريا جزء من الأمن القومي الأمريكي وحتى الأوروبي، في إشارة إلى خطر يهدد الغرب كله من ظاهرة « السوريين الأوروبيين والأمريكان « أي عودة المقاتلين المتشددين من سوريا إلى بلادهم في أوروبا والغرب بعد إنتهاء الأزمة في سوريا.
وأمس تحدثت الإدارة الأمريكية عن أولوية الحرب على التطرف، لأن ما جرى في العراق نذير خطر بسهولة قدرة التنظيمات المتشددة على إمتلاك مدن وإقامة مناطق حكم، فبعض المدن العراقية سقطت بسهولة وهربت سلطة حكومة المالكي من أمن وجيش وإدارة وتركت الأمر لداعش، فالأمر ليس خوفاً من تفجيرات بل خطر تحول مناطق حكم ونفوذ على حدود الدول المجاورة أو داخل جسد سوريا والعراق.
« عدو « سيجمع الأعداء وسيعزز تعاوناً أمنياً لم يكن غائباً بين دول عديدة من الغرب والشرق مع النظام السوري وسيضاف إليه حكم المالكي، وفي المحصلة تأثير مباشر على الأزمة السورية لمصلحة إستقرار النظام، وأيضا إعطاء حكومة المالكي هدنة قد تكون طويلة في مواجهة خصومه في الداخل، إضافة إلى تغيير على أولويات أمريكا والغرب، أو لنقل تعزيز للموقف الأمريكي الرافض للتدخل العسكري المباشر في سوريا.
دول عديدة في المنطقة تواجه تنظيمات التشدد، ودول أخرى تواجه أخطار إنتشار هذه التنظيمات، ومعسكر أوروبي أمريكي يستشعر التهديد للمنطقة ومصالحه وحتى ساحاته، وكل هؤلاء حلف بأجندة واحدة هي مواجهة الإرهاب، عدو سيجمع ضده أعداء وقفوا ضد بعضهم البعض في الملف السوري والمصري وغيرهما.
(الرأي)