التنمية الشاملة تعني شمول كافة مجالات الحياة ، ألانسانية و ألاجتماعية و ألاقتصادية و الثقافية و البيولوجية و النفسية ، و لهذا السبب أصبح مجال التنمية رحبا واسعا و ميدانا فسيحا لكل من أراد الخوض به عن معرفة أو دون ذلك .
وباختصار شديد فإن التنمية هي التي تحقق تغيير أنماط الحياة ، من الحالة الراهنة إلى الحالة ألافضل ، من التقليدية إلى صراعات العصر التكنولوجية المتطورة ، التي أبدعها عقل ألانسان المتحضر المتمدن ، فهي تحوَل حضاري تاريخي متعدد ألاهداف ، يمس كل المجالات التي تتطلبها الحياة العصرية .
التنمية الحقيقية هي التي تكون نتاج فكر أبناء الوطن بما يتطلبه الوطن بأولوياته ، لا بأولويات الطامعين به ، التي يأتي بها الخارج بما يخدم مصالحهم و ينمي اقتصادهم و يسوق مشاريعهم و يوجد أسواق لبضائعهم ، يروجون ما قل ثمنه بأغلى ثمن ، يحتكرون أسواقه لبضائعهم ، و كثيرا ما دخل هؤلاء من ابواب السياسة التي تخدع العامة و تقنعهم و تسيطر على عقولهم ، و هي في حقيقتها غطاء تخفي تحته نوايا خبيثة لا تعرف رحمة و لا إنسانية .
التنمية الحقيقية هي التي تحرر المواطن من العبودية و الذل ، و تحرره من قيود استبداد بعض المؤسسات مصاصة الدماء ، التي لا تلتفت إلى أي عامل إنساني ، و يتخذون من ألانسانية شعارا يجمل نواياهم السوداوية .
التنمية الحقيقية الهادفة الخالية من الشوائب و ألاهواء و الرغبات هي التي تقضي على الفوارق الطبقية بين افراد الشعب الواحد ، ويمكن أيضا ان تكون بين الشعوب، فليس من العدالة أن ينام شبعان متخم و بجانبه شقيق أوصديق جائع ، وهذه صور تكاثرت في مجتمعاتنا ألاسلامية و العربية مع ألاسف الشديد ، فمحور التنمية يجب أن يحقق العيش الرغيد و الصحة و المعرفة ، فأي تنمية لا تتخذ هذه العوامل الثلاث محاور لها هي تنمية فاشلة و لو قرعت لها طبول ألاعلام .
الخطط التنموية الشاملة يجب أن يشترك بها كل مكونات الشعب ، فرادا و جماعات ، مؤسسات حكومية و مؤسسات خاصة ، حتى وإن اختلف الجنس و اللون و المعتقد ، محكومة بتنسيق و تفاعل و تناغم متجانس ، لا متنافر و لا نقيض ، متزامنا و متوازيا بكل محاوره ، أهدافه واضحة سامية نبيله ، ترمي إلى استدامة بعيدة ، محكوم ريعها لرفع مستوى الدخل للفرد و للأمة ، بشكل عادل يحقق ألامن ألاجتماعي ، ولا حرج من التركيز على البؤر ألاجتماعية ذات الفقر و الحرمان .
الخطط التنموية الناجحة غايتها ألانسان ،رفاهية و تحسين حياة ، و ليس كما كان بالسابق حين كان وقودها ألانسان ، حطبا يحترق من عبودية أخيه ألانسان حين يستقوي عليه لأنه ضعيف جائع و فقير بائس، فيستغله بالعمل و الانتاج و يقطف ثمارها و يحرم منها من تعب و عمل ، كما كان يفعل النبلاء في ذاك الزمان الذي نراه يعود من جديد و بأبشع مما كان .
كلام كثر و فاق طاقة السمع على السمع عن التنمية ، و عن الخطط التي تولد في الليل و تموت في النهار ، بحت الحناجر من ألاصوات ، و تثلمت ألاسنان من ركل اللسان ، في بعثرة حروف التنمية حينا وتجميعها حينا آخر ، و الحال هو الحال ، وكأن تغييره من الحال .
حمى الله ألاردن وشعبه و مليكه
(الدستور)