زمان كانت المرأة الاردنية: تعجن «الطحين» ، وتخبز على الصاج، وترعى الغنم، وتحلب النعاج، وتخض اللبن، وتصنع زبدة وجبنة وجميدا، وتطبخ وتنفخ، وتحصد وتذري ، وتقطف الزيتون، وتغسل على الغدير، وتورد المي، وتطحن القهوة، وتحمس «الهيل» ، وتعلف الدجاجات، وتشد فرشات الصوف، وتصنع «الحوّاجه» ، وتخزن مقدوسا وزيتونا وبندورة وزعتر وزبيبا وقطينا وخبيصة، وتنسج «بسطا» ، وتخيط «مدارق» ، وتهدّب «الشمغ» ، وتزغرد في الاعراس، وتحوشي في السامر، وتنوح في المآتم، ورغم كل تلك المهام والمشاغل كانت أيضا تحمل في بطنها «عزوة» ..

كانت حقا «منحة» من الخالق لآبائنا واجدادنا، فما كانت تصنعه عجزت عن صناعته معظم الحكومات الاردنية من تحقيق الامن الغذائي، وتحقيق الاكتفاء الذاتي، هي أوّل من صنعت من عرق الجبين «نهضة» نباهي بها الدنيا.. وذلك قبل ان تصنع امبراطوريات العالم المعاصر من دماء الشعوب «نهضة» !

بمقابل كل ذلك نجد انه عندما تزوجت تلك «المسكينة» وقف والدها يوم ان جاءوا لخطبتها قائلا للاجاويد: تراها أجتكوا «عطية» ما من وراها «جزية» !!

بينما اليوم.. إذا تفضلت وحضرت لك «شوربة ماجي» .. بعد دقائق معدودة تكتب على الفيسبوك.. «يوم من أقسى أيام العمر شقاء» !!

وتجد والدها _ جزاه الله عنا كل خير _ لم يعط أم «الماجي» عطية ما من وراها «جزية» .. بل يطلب مهرا وكأنها هي من صنعت «الذرة» ، وخططت شوارع الصين، وساعدت لوجه الله تعالى الاهل في اليابان في تطوير صناعاتهم وابتكاراتهم واختراعاتهم !!

في بلدي.. العطية التي ما من وراها جزية.. هي من تصنع الحياة.. والعطية التي يدفع فيها مالم يدفعه الرومان في تبليط شوارع «جرش» .. هي من تصنع «الماجي» !!

نرجوكم عودوا بنا الى زمن «الكرامة» .. عودوا بنا الى زمن «الحياة» .. عودوا بنا الى زمن «التيسير» .. عودوا بنا الى زمن «العطية التي ما من وراها جزية» .. عودوا بنا الى زمن «الطهارة والعفاف» .. عودوا بنا الى زمن «المعروف بين الناس» .. عودوا بنا الى زمن «الله يكثر من أمثالك» .. فاليوم لا يوجد من يحصد ولا من يحلب ولا من «يحوشي» .. اليوم فقط يوجد «واتس أب» ويوجد «لايك على الفيسبوك» ويوجد من يغلي «الماجي» !!
فشباب الوطن شاخوا وعنسوا وانتهت صلاحيتهم ولم يجمعوا بعد ثمن شوربة «الماجي» !!

نرجوكم يسروا ولا تعسروا في المهور… ولا تصنعوا لهذا الوطن خطرا جديدا الا وهو «العزابي» ؟!!
(العرب اليوم)