الموسى .. سيرة مبدع وذاكرة وطن وتاريخ
10-06-2014 03:14 PM
عمون - صدر الجزء الثاني من الكتاب الموسوعي : تاريخ الأردن في القرن العشرين 1958-1995 للمؤرخ سليمان الموسى الذي تصادف الذكرى السادسة لرحيله اليوم .
يقع الكتاب في 750 صفحة، وكانت الطبعة الأولى صدرت عام 1996.
هذا الكتاب متمم لكتابه الأول عن تاريخ الأردن في القرن العشرين الذي كتبه بالاشتراك مع منيب الماضي.
الكتاب صدر عن دار ورد الأردنية للنشر والتوزيع وهو الإصدار الثاني عشر في سلسلة الأعمال الكاملة. وسيقام حفل اشهاره في مكتبة سليمان الموسى المتخصصة بتاريخ الأردن بمركز الحسين الثقافي برعاية أمين عمان عقل بلتاجي السبت المقبل في السادسة مساء بمشاركة نخبة من الباحثين .
وكان الراحل أصدر 45 كتابا في تاريخ الأردن والثورة العربية الكبرى. وعد مرجعا معتمدا في ما كتب. عاش حياة مليئة زاخرة بالانتاج العلمي.
من أقواله في الثورة العربية الكبرى: «كانت ثورة شعب عريق ذي ماض مجيد وإسهام بارز في الحضارة العالمية، ثورة شعب يطلب الحرية والوحدة والكرامة كي يأخذ مكانه الطبيعي بين أمم العالم. واستحقت تلك الثورة صفة «الكبرى» لأنها الثورة الوحيدة في تاريخ العرب الحديث التي قامت باسم العرب جميعا وباسم القومية العربية، وحارب في صفوفها مجاهدون من كافة أقطار العرب الآسيوية: الحجاز واليمن ونجد وسوريا والعراق وفلسطين ولبنان والأردن» (سليمان الموسى في: إمارة شرقي الأردن- نشأتها وتطورها في ربع قرن 1921-1946).
وقال أيضاً: «كان قلبي دائما على بلدي الأردن. من هنا تصديت لكثيرين تحاملوا عليه، قاصدين عامدين أحيانا، ومن منطلق الجهالة العمياء، أحيانا أخرى» (سليمان الموسى في: خطوات على الطريق سيرة قلم)
وكان شعاره: أنا أعمل فأنا موجود. أحب أسرته الأردنية بتفاني الأب العطوف، كما أحب وطنه العربي وكرس له وقته وجهده لتوثيق إنجازات أبنائه الغر الميامين. كانت فلسفته ان كاتب التاريخ هو قاض لا محام. وحين توفي في 9 حزيران عام 2008 كان واثقا أنه أدى رسالته على أكمل وجه، تغمده الله برحمته الواسعة.
حياته
بدأت حياة الراحل سليمان الموسى العامة حين عمل في إذاعة عمان عام 1957 منتجا للبرامج الثقافية بعد تأسيسها في جبل الحسين، ثم انتقل الى دائرة المطبوعات والنشر ليشرف على مجلة رسالة الأردن، التي كانت تصدر عن تلك الدائرة. وأثناء عمله فيها ألّف مع منيب الماضي، مدير دائرة المطبوعات آنئذ- الجزء الأول من كتابه تاريخ الأردن في القرن العشرين (صدر عام 1959). ثم استقر في وزارة الثقافة وعمل رئيس تحرير لمجلة أفكار لمدة عام، وبقي في الوزارة حتى تقاعده عام 1984. بعد ذلك عين مستشاراً ثقافياً لأمين عمان الكبرى السيد عبد الرؤوف الروابدة حتى عام 1988. بعد ان تقاعد تفرغ للكتابة وأصدر الجزء الثاني من تاريخ الأردن في القرن العشرين عام 1997 محققا بذلك تاريخ الأردن طيلة القرن العشرين.
وخلال هذه السنوات حصل على جائزة الدولة التقديرية على مجمل أعماله ، وجائزة عبد الله بن الحسين لبحوث الحضارة الإسلامية عن كتابه (امارة شرقي الأردن: نشأتها وتطورها في ربع قرن 1921-1964) بالاضافة الى عدد من الأوسمة الملكية.
وأطلقت أمانة عمان الكبرى على مكتبتها في مركز الحسين الثقافي، اسم «مكتبة سليمان الموسى المتخصصة بتاريخ الأردن»، وتضم نحو ثلاثة الآف كتاب عن الأردن. كما أطلقت الأمانة ومدينة مادبا وقرية الرفيد وقرية كفرسوم اسم الراحل على أحد الشوارع فيها تكريما لجهود مؤرخ الأردن. وكذلك فعلت وزارة التربية والتعليم التي أطلقت اسم الراحل على احد مدارسها.
الصفاوي والرويشد
ومن انجازاته الوطنية انه خاطب وزير البلديات لتغيير اسم بلدتين في شرقي البلاد هما الاجفور والاجفايف، وكانت كل منهما موقعا لمحطة خط بترول العراق الواصل الى حيفا وتحملا الرمزين (H4 و H3 ) ، وتعارف الناس على تسميتهما بتحريف اسم الموقع الأجنبي وتعريبه، مما استفز حس سليمان الموسى القومي متسائلا لماذا إهمال الأسم العربي للموقعين؟ واستجاب الوزير حسن المومني لدعوته وتغير اسم البلدتين الى الصفاوي والرويشد، وهو اسم المنطقة الأصلي للموقعين.
وفي فلسطين، تبني دعوة لإقامة ضريح للمناضل سعيد العاص الذي خاض حروب الثورة العربية الكبرى وواصل النضال في الثورة السورية ضد الفرنسيين، ثم لجأ الى الأردن والتحق بالمناضلين الى ان خر شهيدا على ثرى فلسطين. واستجاب أهل الخير لدعوته وارتفع النصب في قرية الخضر. وكان سليمان الموسى قد كتب عن سعيد العاص وعن نضاله بحثا مفصلا في كتابه الذي حمل اسم صور من البطولة. واثناء بحثه اكتشف ان الشهيد دفن في قبر بالكاد تعرف عليه سكان تلك القرية، فعز عليه ان يطويه النسيان بعد نضاله الاستثنائي في سبيل رفعة وطنه.
دراسته
ولد سليمان الموسى في قرية الرفيد في محافظة إربد عام 1919، وتلقى علومه الأولى في كتّاب القرية ومدرستها، ثم التحق بمدرسة الحصن، وعمل في مجال التدريس، ثم ذهب إلى فلسطين، وعمل في حيفا ويافا، وفتحت أمامه أبواب الثقافة، فكتب أول مؤلفاته، الحسين بن علي والثورة العربية الكبرى، حيث أثرت فيه شخصية الشريف الحسين بن علي المثالية الذي قاد العرب في ثورتهم القومية للتحرر، والذي رفض الاعتراف بمطالب الإنجليز في الانتقاص من حقوق فلسطين العربية، فنفي وشرد بعد أن كان ملك العرب. وبعد عودته من فلسطين عمل في المفرق في مطلع الأربعينيات في شركة نفط العراق، وساهم في الحراك الثقافي فأسس مع زملاء له نادي المفرق، ونشر في مجلات مختلفة، وأتقن اللغة الانجليزية، ثم اعتقل مرتين في أحداث الأردن السياسية بتهمة انتمائه لحزب قومي، وسجن في معتقل الجفر ومعتقل الزرقاء. وفي عام 1957 صدر كتابه الحسين بن علي والثورة العربية الكبرى الذي كان كتبه في يافا قبل ذلك بعقدين ونيف. كرس سليمان الموسى من اجل الأردن قلمه بتفان منقطع النظير، وطور منهجا علميا فريدا مزج بين الأدب والتاريخ فكتب بأسلوب قريب لذوق القارئ العربي ما تعجز عنه مؤسسة بأكملها، فكانت موضوعيته
نال ارفع الأوسمة وأعلى التكريم في إثناء حياته، كان متواضعا في محراب العلم خدوما محبا لأبناء وطنه فأحبه كل من عرفه، وقدره أحسن تقدير. حتى الأتراك دعوه لزيارة تركيا وكرموه بعد صدور كتابه (لورنس والعرب: وجهة نظر عربية) الذي ترجم للانجليزية والفرنسية واليابانية.
كما قدر الباحثون الغربيون أعمال سليمان الموسى في كتابة التاريخ ، وزاره عدد منهم. من هؤلاء المؤرخ جيرمي ولسون المتخصص بتاريخ لورنس وحياته، والذي رثاه بعد وفاته على موقع لورنس الذي يشرف عليه. ومن الباحثين الانجليز الذين زاروه كولن ولسون مؤلف كتاب اللامنتمي، وأجر معه مقابلة تلفزيزنية لصالح التلفزيون الياباني إثر ترجمة كتاب الموسى (لورنس: وجهة نظر عربية) إلى اليابانية.
الأعمال الكاملة
بعد رحيله أوصت لجنة تكريم الموسى التي تشكلت برئاسة المؤرخ د.علي محافظة، وتضم في عضويتها ممثلين عن وزارة الثقافة، ورابطة الكتاب وأمانة عمان ، ود. أمين مشاقبة، بإعادة طباعة الأعمال الكاملة للراحل. ونتيجة هذا الجهد صدر في سلسلة الأعمال الكاملة عن دار ورد ومديرها محمد الشرقاوي في 12 مجلدا في سلسلة الأعمال الكاملة لسليمان الموسى، بدعم من «الثقافة «و»الأمانة» والبنك الأهلي الأردني وبنك الإسكان ومنتدى الفكر العربي والبنك التجاري الأردني والبنك الكويتي الأردني.
إصداراته
الحركة العربية: سيرة المرحلة الأولى للنهضة العربية الحديثة 1908-1924، نال هذا الكتاب والذي سبق وان صدر في ثلاث طبعات عن دار النهار اللبنانية، تقدير المفكرين العرب، واعتبره بعضهم من أمهات الكتب التي تحدثت عن صعود فكرة القومية العربية في ثورة العرب الكبرى. فيه يقول د.بشير نافع: «ساهم كتاب سليمان الموسى الحركة العربية إلى جانب كتاب جورج أنطونيوس يقظة العرب...وكتاب ساطع الحصري البلاد العربية والدولة العثمانية في تشكيل وعي جيل بأكمله من الباحثين والمؤرخين العرب بالدولة العثمانية المتأخرة وبالأحداث العاصفة التي أدت إلى صعود فكرة القومية العربية» كما ان الراحل حسني فريز كتب في مراجعته لهذا المجلد قائلا: «كتابك هذا يعلم الوطنية». وأغدق عليه باحث فرنسي من اصول عربية هو جيرار خوري لقب «مؤرخ الهاشميين». وقال فيه الراحل أكرم زعيتر «ان جميع الكتب التي ألفت عن القضية العربية لا تغني عنه...انه اشبه ما يكون بالموسوعة للحركة العربية...كل عبارة فيه تستند الى وثيقة». وعد سليمان الموسى أن كتابه هذا أحد «أهم وأفضل الكتب التي قمت بتأليفها»،وصدرت الطبعة الرابعة هذه بدعم من منتدى الفكر العربي والبنك التجاري الأردني.
وصدر كتاب وجوه وملامح: صور شخصية لبعض رجال السياسة والقلم في طبعة ثانية بدعم من أمانة عمان الكبرى واشتمل على الجزئين: الأول والثاني، من وجوه وملامح، اللذين صدرا ضمن منشورات وزارة الثقافة عام 1980، و 1994. وقد ضم الجزءان سيرة حياة إحدى وعشرين شخصية من بينها: علي خلقي الشرايري وعوني عبد الهادي وعارف العارف واديب الكايد وعودة القسوس وعبدالله التل وقدري طوقان وحسني فريز ومحمود سيف الدين الايراني وعيسى الناعوري. قال سليمان الموسى أنه « كان من حسن الحظ ان أًتيح لي مجال الاتصال بمعظمهم وعقد أواصر الصداقة مع بعضهم. ومن هنا كانت كتابتي عنهم جميعا من منطلق الشعور بضرورة رسم ملامح حياتهم والأدوار التي نهضوا بها في مجرى الحياة الأردنية والفلسطينية والعربية». وتناول الكتاب عددا من الأساتذة والنقاد على صفحات الجرائد والمجلات، منهم: روكس العزيزي ومحمود الزيودي.
صدر صور من البطولة في طبعة ثالثة بدعم من وزارة الثقافة عام 2011، واشتمل على سيرة ثلاث عشر شخصية أعطت درسا في التضحية من أجل الوطن من بينهم: الشريف حسين قائد الثورة العربية الكبرى، عودة ابو تايه، كايد المفلح العبيدات (أول شهيد أردني على أرض فلسطين)، محمد علي العجلوني، صبحي العمري، أحمد مريود. وصف الكتاب عبد القدوس الأنصاري في مجلة المنهل السعودية بقوله: « هذا الكتاب من أروع وأرفع نتاجات سليمان الموسى الفكرية...ومرجعا مهما من مراجع فواتح يقظة الأمة العربية».أما صفحات من تاريخ الأردن الحديث فقد كتب عنه الزميل سامح محاريق: « للكتاب أهميته لأربعة أسباب، فأولا يعتمد على الوثائق التي تعد أحد الأدوات المهمة في عملية التأريخ،... ثانيا، يتناول الكتاب مرحلة مهمة في تاريخ الأردن، فهو يرصد الوثائق البريطانية المتعلقة بالأردن منذ 1946، عام الاستقلال وإعلان المملكة الأردنية الهاشمية، وحتى العام 1952 الذي شهد انتقال العرش من الملك طلال إلى الملك الحسين، وبداية تأسيس الأردن الحديث، ثالثا، تنتمي هذه الوثائق للدبلوماسية البريطانية صاحبة التاريخ العريق والخبرة الواسعة، وهي تختلف عن الوثائق الأميركية التي يغلب عليها الطابع الشخصي والآراء السطحية، ورابعا، فالكتاب لمثقف معروف بوطنيته وانتمائه البعيد عن شبهة الانسياق وراء الشعارات والمزاودات.
كما صدر أما مذكرات الأمير زيد: الحرب في الأردن 1917-1918 في طبعة ثالثة بدعم من وزارة الثقافة عام 2011 ، وقال فيه عيسى الناعوري: «الكتاب يبرز دور الأردن في الثورة العربية الكبرى...استطاع المؤلف ان يثبت دور الأردن في معارك الحرب من خلال مذكرات الأمير زيد...كتابه هذا جهد يستحق ان ينظر اليه كل أردني بعين الاعتبار والتقدير». وصدر كتاب يا قدس في طبعة ثانية بدعم من أمانة عمان الكبرى عام 2010. وترجم عن الانجليزية لمؤلفيه لاريك ولينز (أمريكي) ودومينيك لابيير (فرنسي). وقدمهما عبد الله التل لسليمان الموسى، وفي مقدمته للكتاب يقول الموسى: «يعطي الكتاب جنود الجيش الأردني حقهم الذي استأهلوه بوقفاتهم الصابرة وهجماتهم الباسلة، سواء في القدس أو في باب الواد...ويمضي الكتاب في سرد دور الجيش الأردني حد القول ان الهزيمة التي ألحقها حابس المجالي بالقوات الإسرائيلية المهاجمة كانت أسوأ هزيمة عرفتها قوة إسرائيلية في الحروب الثلاثة التي خاضها اليهود مع العرب من 1948 لى 1967».
إلى ذلك صدر كتاب آثار الأردن بدعم من أسرة سليمان الموسى عام 2009. وبهذا الكتاب تم افتتاح مشروع إعادة طباعة سلسلة الأعمال الكاملة. وقد وقع الاختيار على هذا الكتاب ليكون فاتحة السلسلة بسبب ان «باحث دكتور» قد نسخ «دون وجه حق» (دعوى رقم 733/2003)- بحسب قرار محكمة شمال عمان- «ما يزيد عن 120 صفحة من كتاب آثار الأردن المترجم...وكان النقل حرفيا»، مما «الحق ضررا ماديا وأدبيا ومعنويا بالمدعي». والكتاب من تأليف لآنكستر هاردنج وصدر في ست طبعات. وقد صدر أولا باللغة الانجليزية وترجم للغات عالمية. والكتاب يتضمن معلومات قيمة عن آثار الأردن. والدليل على أهميته المتجددة ما فعله «الباحث الدكتور» حين اصدر كتابه عن آثار الأردن، ودرسه لتلامذته المساكين...الذين ظنوا ان أستاذهم قد بحث ونقب وتعب، وصرف وقتا وجهدا كبيرين، في وضع كتابه، في حين ان كل ما عمله كان ان «قص والصق» (cut and paste).
الأدب والقصة
وفي الأدب صدر للموسة كتاب ذلك المجهول، وهو مجموعة قصصية صدرت عن رابطة الكتاب 1982. وفي مذكراته (ثمانون)، يذكر سليمان الموسى انه بدأ حياته الأدبية بكتابة القصة والرواية والشعر، غير انه انصرف عنها لكتابة التاريخ. وخلال مسيرته في الكتابة التاريخية، لم يتخل عن كتابة قصة بين فترة وأخرى، او ترجمة قصة أعجبته. وقد جمع القصص التي ترجمها في مجموعة حملت اسم (الزوجة المثالية وقصص أخرى) صدرت عن دار النسر 1991. وفي سلسلة الأعمال الكاملة، تم جمع المجموعتين في كتاب واحد صدر عام 2011 بدعم من وزارة الثقافة باسم (ذلك المجهول والزوجة المثالية وقصص أخرى). وفي نقده للمجموعة ، يقول نزيه ابو نضال: «انعكست هموم وموضوعات القضايا الوطنية والاجتماعية في مرحلة الخمسينيات على مجمل قصص (ذلك المجهول)... ومن هنا لم يكن غريبا ان القضية الفلسطينية شكلت الموضوع الرئيس لقصص المجموعة البالغ عددها خمس عشرة قصة.. هاجس ما تبقى من قصص المجموعة يدور حول موضوعين متداخلين هما قسوة الحياة في الريف الأردني ثم العادات والتقاليد الاجتماعية القاسية وخاصة بالنسبة للمرأة». اما مجموعة (الزوجة المثالية وقصص أخرى) فقد اشتملت على ست عشر قصة مترجمة عن الآداب الانجليزية والفرنسية والأميركية والروسية والصينية.
وجهة نظر عربية
وكان حقق مؤلفه (لورنس والعرب وجهة نظر عربية)، الذي ترجم للغات ثلاثة (الإنكليزية والفرنسية واليابانية) شهرة دولية دفعت احد المؤرخين جيرمي ولسون، للقول: « ان مؤلف سليمان الموسى ترك أثرا عميقا دائميا على كل من بحث في لورنس. هذا المؤلف أظهر لنا كيف بدت الأحداث من منظور عربي، وعلمنا ألا نقبل المسلمات التي أراد لورنس لنا أن نقبل بها، بل علمنا أن نشك بها... وفي هذا الكتاب الصادر بدعم البنك الأهلي الأردني، اعتمد سليمان الموسى منهجية علمية صارمة وجدت قبولا في الغرب والشرق على حد سواء، فترجم الكتاب الى ثلاث لغات رئيسة، وطبع منه أكثر من عشرين ألف نسخة في بريطانيا وأميركا واليابان وفرنسا.
كما صدر بدعم من وزارة الثقافة كتاب الوجه الآخر: كتاب ومؤرخون في كل واد يهيمون. وكانت الطبعة الأولى صدرت عام 2002 عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وفيه يقول الدكتور فهد الفانك: « الوجه الآخر ليس مجرد كتاب آخر بل بلدوزر يكتسح أضاليل الكتاب والمؤرخين الذين وصفهم المؤلف على الغلاف بأنهم في كل واد يهيمون. وفي هذا المجال قدم ردودا وافية موثقة على اتهامات محمد حسنين هيكل وانيس الصايغ ومحمود رياض وحسن صبري الخولي والفريق عبد المحسن مرتجى وحسين مؤنس ومحمد مصلح وأحمد عبد الرحيم صطفى وهنري كتن وعبد اللطيف الطيباوي وشاكر النابلسي وأكثر من عشرين كاتبا آخر من الذين ارتدوا ثياب المؤرخين دون ان تتوفر لهم موضوعية وأمانة واجتهاد المؤرخين».
ومن كتبه أيضا عمان: عاصمة الأردن الذي صدر في طبعة رابعة بدعم من أمانة عمان الكبرى. وكانت الطبعة الأولى صدرت عام 1985. روى في كتابه خطوات على الطريق كيف وضع كتابه هذا فيقول انه بعد إحالته على التقاعد عام 1983 ، واستطعت خلال سنوات عملي ان أقدم خدمة استثنائية للأمانة من خلال انجاز كتابي (عمان عاصمة الأردن)...وفي هذا الصدد يجد ربي ان أذكر اني نجحت في السعي لإطلاق أسماء عدد من الشخصيات الوطنية والأدبية ومن المجاهدين والشهداء على بعض شوارع العاصمة. ولا بد من التنويه بالدكتور عبدالرؤوف الروابدة، الذي عملت معه طوال المدة التي أمضيتها في هذا العمل. لقد عرفت فيه رجل فكر ثاقب وعمل وذكاء وحضور بديهة وألمعية. كنت سعيدا بالعمل معه. وأذكر أنه على الرغم من مشاغله وتشعب مسؤولياته قام بمراجعة مادة الكتاب وأجرى عليه تعديلات مهمة ومفيدة.أما كتاب تاريخ الأردن في القرن العشرين 1958-1995 (الجزء الثاني): فقد صدر بدعم من البنك الأردني الكويتي ووهو متمم لكتابه الأول تاريخ الأردن في القرن العشرين(الجزء الأول) الذي صدر بالاشتراك مع منيب الماضي.
وقد أثنى جلالة الملك عبدالله الثاني على جهود المؤرخ الراحل وأمر جلالته باعادة طباعة، أيام لا تنسى: الأردن في حرب8 194: في هذا الكتاب أثبت الموسى ملحمة بطولة الجيش ا لعربي الأردني في تلك الحرب وتتبع حوادثها ونشر صور ابطالها. وأعلام من الأردن (الجزء الأول): وفي هذا الكتاب رسم سيرة تحليلية لثلاثة من رؤساء الوزارات الأردنيين، هم: وصفي التل،وهزاع المجالي، وسليمان النابلسي.
«الثقافة»
أفردت مجلة أفكار ملفا خاصا عنه وللكلمات التي القيت في التأبين، وطبعت الوزارة كتابا حرره الدكتور بكر خازر المجالي بعنوان (سليمان الموسى: أيامك لن تنسى) ورد في مقدمته من اعداد اللجنة التحضيرية: «سليمان الموسى أسس لمدرسة وطنية فكرية أضاف لها عصارة تجاربه ونتاج رحلاته في دور الوثائق ومركز الدراسات ، وأعادت الوزارة طباعة ثلاثة كتب هي: ثمانون: رحلة الأيام والأعوام، و امارة شرقي الأردن: نشأتها وتطورها في ربع قرن 1921-1964، وتاريخ الأردن السياسي: حزيران 1967-1995. وقد صدر الكتابان الأخيران في سلسلة مكتبة الأسرة فعمت فائدتهما على اوسع نطاق.
الغرب يعترف
ومثلما اعترف الباحثون العرب بأهمية التاريخ الحديث للرب الذي كتبه سليمان الموسى، نجد الأكاديميون في الغرب يعترفون ايضا بفضله ويعربون عن تقديره لهم مع ان سياسات بلادهم نالت من نقده الكثير: ففي كلمة الباحث البريطاني في جامعة اوكسفورد د.يوجين روجان، التي ألقاها في حفل تكريم أقامه هاني الحوراني مدير (مركز الأردن الجديد للدراسات) قال: اننا كلما أردنا الخوض في تاريخ المنطقة نجد ان سليمان الموسى سبقنا للخوض فيه وهكذا نحن في النهاية كلنا تلامذة في مدرسة معلم كبير لتاريخ الأردن. الرأي