اذا كان الامن الاقتصادي والامن الاجتماعي هما اهم ركائز منظومة الامن الشامل فأن الامن التعليمي والتربوي وهو الرديف الاساسي لهذه المنظومه ولا يقل اهميه عن المؤسسات الاعلاميه في تربية وتنمية شخصية الفرد والمجتمع فأصبح من المعلوم ان التعليم من اهم القيم التى تنقل المجتمع من حالة التخلف والانحطاط الى حالة التقدم والازدهار واتاحة الفرص امامه للعيش في ظروف آمنه ومستقره ومنتجه ) الامن المجتمعي و التسامح الاجتماعي ( .
ان ربط التعليم ( الامن التعليمي و التربوي ) بالامن يمهد لعلاقات تبادله بين منظومة الامن الشامل و المنظومه الامنيه الشرطيه والبيئه المدرسيه والجامعيه وانعكاس المخرجات التربويه والتعليميه على الامن الوطني . وهذا يقودنا بالضروره الى مضامين ومكونات العمليه التربويه والتعليميه المدرسيه والجامعيه على حد سواء بما يضمن حماية العقل والثقافه والهويه والقيم والخصوصيه والتميز العلمي و السلوك العام التى تميز مجتمعنا الاردني عن غيره من المجتمعات الاخرى ، و التأكيد على نشر قيم المواطنه واحترام الاخر .
فاصبح من المعلوم ان هناك حالات كثيره من الانحراف والاجرام والتطرف والغلو تؤشر على وجود ضعف في دور المؤسسات التربويه والتعليميه تربويآ وثقافيآ ، الناتج عن تراخي هذه المؤسسات عن دورها في التأسيس التعليمي و نشر الوعي وغرس القيم والاخلاق النبيله في نفوس النشىء من الجيل الجديد .
ان تعريف الامن المدرسي حسب وزارة التربيه والتعليم ، هو احد فروع الامن الذي يهتم بأمور سلامة وصحة التلاميذ والطلاب والعاملين بالمنشأت التعليميه . ولعل ذلك يبين ان هذا يشير الى الاجراءات الواجبة التطبيق لحماية امن الطلبه الشخصي والصحي وكذلك العاملين في المنشأت التعليميه والبيئه التعليميه بشكل عام ،وهذا يندرج تحت مفهوم ( الامن والسلامه المدرسيه ) وهذا أمر جيد وضروري .
ولكن المفهوم الشامل للامن التربوي والتعليمي الذي ننشده في المدارس والجامعات الاردنيه هو تحديد الابعاد الامنيه للمضامين التعليميه على مختلف المستويات الصفيه والجامعيه وكذلك الامن المرتبط بالاطر التعليميه وترسيخ مفهوم الامن الاخلاقي باعتباره بعدآ اساسيآ من ابعاد الامن التربوي بخاصه و الامن الوطني بعامه . لما له من علاقه وثيقة الصله بنشر مفهوم التنشئه الاجتماعيه التى يتم بها انتقال الثقافه من جيل الى جيل ،وتشكيل الافراد اجتماعيا وقيميا منذ نعومة اظفارهم حتى يصبحوا فيما بعد اصحاب ثقافه معينه ،وهي عمليه تتعدى دور المدرسه لتشمل الاسر والمجتمع والافراد والاباء في عمليه تبادليه تركز على تلقي اللغه والدين والقيم والتقاليد ومعلومات ومهارات تكسب النشىء اساليب سلوكيه معينه ودوافع وقيم واتجاهات مقبوله في المجتمع الذي يعيشون فيه . بحيث تشكل طرق تفكيرهم واتجاهاتهم وسلوكهم وحكمهم على المعاني والاشياء تبعآ لذلك .
ومن هنا كانت التنشئه هي حجر الاساس في الامن التربوي لانها كل متكامل متداخل وان تعددت ابعادها الاجتماعيه والثقافيه والاخلاقيه والعلميه واللغويه . وينطوي مفهوم التنشئه الاخلاقيه على مفهوم الوعي الاخلاقي حيث يعتبر الوعي الاخلاقي من اهم الاهداف التربويه الاساسيه ، و تعد الممارسه الاخلاقيه عمليآ من اهم مرتكزات التنشئه الاخلاقيه. وهي ترجمه للوعي الاخلاقي تمهيدآ للنمو الاخلاقي ، وهنا لا بد من التناغم بين اطراف العمليه التربويه والتعليميه و التي تتكون من ( الطالب ، المعلم ، والمنهاج، المساقات، المدرسه ، الجامعه ، اولياء الامور ، القوانين ،الانظمه ، والتعليمات ، القرارات الناظمه للعمليه التربويه والتعليميه وهذه تشكل البيئه الداخليه للعمليه اما البيئه الخارجيه فهي المجتمع وسوق العمل ...الخ .
ومن المؤكد ان ما شاهدناه ونشاهده في حياتنا اليوميه في الاونه الاخيره من عنف مدرسي سواء من المعلم على الطالب او بالعكس او بين الطلبه ، وكذلك العنف الجامعي بجميع اشكاله واساليبه وصوره التى يظهر بها وتداعياته وانماط السلوك العدواني غير المعهود في الشارع اثناء حراك المجتمع اليومي ، اضافة للانماط السلوكيه الشاذه وما تحمله الالفاظ النابيه المتداوله بين الصغار والكبار على حد سواء والتقويض الصارخ لمركز مؤسسات الضبط الاجتماعي واهتزاز صورتها وصور سلم القيم المجتمعيه بشكل نمطي في التعامل مع الاخرين ما هو الا نتيجة غياب الامن التعليمي والتربوي وتراجع دور مؤسسات الضبط الاجتماعي فأن انماط السلوك المستهجن الذي اصبحنا نتعامل معه بشكل يومي وتزايده بشكل ملفت اصبح مقلقا للكافة.
وللانصاف لانجزم ان المدرسه والجامعه هما المسؤلتين فقط عن ذلك بشكل مباشر ، ولكن نحن جميعنا مسؤلين عن ذلك .
الحكومه بمختلف اجهزتها ومؤسسات الضبط الاجتماعي وعلى راسها الاعلام ودور العباده والاسره ، ومن هنا لابد من اعادة النظر في جميع مفاصل العمليه التربويه والتعليميه قبل فوات الاوان واستفحال الامر اكثر فاكثر ، وما يمكن ان يقال في هذا المجال كثير ويحتاج الى تفصيل اكثر .