حاجُّ المغطس .. والدَّرس الأردني
الأب نبيل حداد
05-06-2014 01:32 PM
مع ذكرى الاستقلال عاشت عمان المزدانة بقداستها واستقلالها وتعايشها، اجواء لقاءٍ تجدد فيه اقتران الاستقلال مع القداسة على هذه الأرض التي صنع الآباء استقلالها، سار الأنبياء وعلى هذا الثرى الطهور إلتقت الإرادات الصالحة عندما وصل فرنسيس «الثائر» المتسربل بالبياض ليحلَّ ضيفاً على صاحب عمّان سليل الدوحة الهاشمية الكريمة.
كان الأردن اولاً.. وكانت عمان هي الأولى في رحلة حجّ فرنسيس الأول–الذي يقود في هذا العالم مسيرة حبٍّ بيضاء–أرادها احياءً لذكرى اللقاء التاريخي الأول الذي جمع قبل خمسين عاماً صاحبي القداسة البابا بولس السادس والبطريرك اثيناغوراس
نعم كانت عمان أولاً في درب «الحاجّ الأبيض». ومنها _ وهي مدينة الحبّ الأخوي _ انطلق «الأرجنتيني» الكبير الى محطته الثانية حيث مدينة المغارة، مدينة سجود المجوس، الذين عبروا ذات يومٍ أرضنا الأردنية المباركة حاملين للمولود العجائبي هداياهم من ذهب ولبان ومر. وفي المحطة الثالثة من رحلة حجّه وعند قبر الفداء والخلاص يلتقى أسقف روما «المتقدّم بين إخوته» مع أخيه برثلماوس بطريرك كرسي أندراوس الرسول، ليتجدّد حينها في أجواء المحبة والغيرة ومع المعانقة الأخوية الرجاء والتطلّع نحو الوحدة.
***
سيدي الأب الأقدس،
في عمان صَلَّينا معك وصلّينا من أجل حجّك.. صلينا من أجل المسامحة والوحدة والسلام. وصلينا من اجل الشركة الروحية في ما بيننا لنكون على مثال الجماعة الأولى–ونحن في الأردن ورثة المسيحية الأولى–«فقد كان لهم قلبٌ واحدٌ ونفس واحدة» (أعمال الرسل 32:4)
وفي عمان رَدَّدنا معك كلمات سلفك البابا بولس السادس «فلتستيقظ ضمائرُنا ولينتابنا ألم صادق نتيجة لخطايانا وخطايا ابائنا ومن سبقونا في التاريخ، ولتستيقظ كذلك ضمائرنا كي نرى الخطايا التي لا زالت ترتكب في زماننا هذا، وفي العالم الذي نعيش فيه»
***
في الرابع والعشرين من أيار وقف الأردنيون الساكنون في هذه البقعة، بقعة المعمودية خلف مليكهم يستقبلون خليفة بطرس الآتي بكل الحبّ والتواضع حاملاً لنا الفرح والرجاء.
في عمان رافقنا ضَيفنا الورع بالصلاة العميقة وتتبَّعنا خطاه وهو يسعى أن يوحدّ الجميع وأن يعيد الإخوة، كلَّ الإخوة، إلى الوحدة.. «ليكونوا واحداً»
ضيفنا الحاجّ فرنسيس الأول هو الذي ما فتئ منذ الثالث عشر من آذار 2013 يعلّمنا كيف يكون «الكاثوليكي» كاثوليكياً حقاً.. فَلِكَيْ تكون كاثوليكياً حقاً عليك أن تحتضن بالروح أخاك وجارك وتتجدد معه وتكونَ مُحّباً مجمِّعاً مجتمعاً مُوحِّداً ، وناطقاً فقط لغة المحّبة سالكاً دربها النبيل..
فلكي أكون كاثوليكياً علي أن أوقظ محبتي فيَّ فأحمل بصدق موقفاً متواضعاً وفَرَحاً كبيراً وواثقاً ومصلياً ورجاءً مسيحياً
مع فرنسيس وكلماته تعلّمنا من جديد أن رسالة «الكاثوليكيّ» ودعوتَه هي أن يكون من أجل «الجار والقريب» ومعه.. مع فرنسيس تجدَّد الدرس: فلكي تكون كاثوليكياً حقاً عليك أن تكون انساناً حقاً متواضعاً حقاً.. مصلياً حقاً.. مسيحياً حقاً..
في حجّ فرنسيس تعلَّمنا أنّ هذا الحجّ هو حجٌّ من أجل الانسان.
فمن له أذنان للسماع فليسمع..
* مدير مركز التعايش الديني
"الراي"