ارتدادات أزمة "زمزم" تشتد على البيت الإخواني
05-06-2014 05:01 AM
عمون - تتقاطع رؤية مراقبين وقيادات في جماعة الإخوان المسلمين، حول الخلافات الداخلية للجماعة، مع تقييمهم لـ"ارتدادات متواترة" إلى حد كبير لـ"ملف مبادرة زمزم" التي أشهرت في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.
يأتي ذلك وسط تصاعد الخلافات الإخوانية منذ الأسبوع الماضي، بالتزامن مع عقد مؤتمر إصلاحي في إربد السبت الماضي، تباينت فيه الآراء حول حجم "الخسائر المتوقعة" من تجاوز تلك الخلافات تنظيميا وسياسيا.
وفي هذا النطاق، لا يرى هؤلاء المراقبون أن "مؤتمر إربد"، الذي ترأسه المراقب العام السابق للإخوان عبد المجيد الذنيبات "محطة حاسمة في مسيرة الحركة برغم تسجيله سابقة"، بقدر ما اعتبره البعض، ارتدادا مضافا على موقف الجماعة من فصل مؤسسي زمزم"، برغم تأكيدات قيادات "زمزم" أن المؤتمر ليس باسم المبادرة.
ورأى مراقبون آخرون في المؤتمر "تحولا خطرا" وسابقة في تاريخ الجماعة، من شأنه "إحداث شرخ داخلي".
أما على المستوى الرسمي، فتؤكد مصادر رسمية لـ"الغد"، أن التطورات التي تجري داخل البيت الإخواني "لا تشكل أي حالة قلق أو ترقب لدى الجهات الرسمية"، معتبرة أنها "شأن داخلي صرف"، وأنه لن يكون هناك أية تحولات قريبة في العلاقة مع الجماعة، واصفة الحالة بالمستقرة.
بل وتشير المصادر الحكومية ذاتها، إلى أن جماعة الإخوان، وذراعها السياسية حزب جبهة العمل الإسلامي، "ما يزالان الإطار الحزبي السياسي الأكثر تنظيما، سياسيا وماليا"، لافتة الى أن الحزب كان "الوحيد الذي قدم مقترحا مكتوبا متكاملا فيما يتعلق بقانون الأحزاب السياسية".
في الأثناء، يرجع مراقبون تحذيراتهم من التطورات المتعلقة بمؤتمر أربد للإصلاح، إلى ما تضمنته أوراق المؤتمر من أطروحات، وكشف لأسرار تنظيمية، بخاصة ما يتعلق بالتأصيل الشرعي له، والدعوة لإصلاح الجماعة، قدمها الدكتور شرف القضاة.
كما قدمت أوراق تحدثت عن وجود تنظيم داخل تنظيم الجماعة، طالب أصحابها برحيل قيادة الجماعة خلال شهر، وذلك من دون "الحصول على موافقة مؤسسية للمؤتمر".
وسط تلك التجاذبات، تسود حالة صمت لافتة، لدى من يوصفون بـ"حكماء الجماعة"، كالدكتور عبداللطيف عربيات، الذي اكتفى بالتأكيد في تصريحات إعلامية على مضي لجنة المصالحة الداخلية لمعالجة مشكلة "زمزم" "قدما"، والتي إعيد تشكيلها قبل أيام، وانفردت "الغد" الإلكتروني بنشر خبر إعادة تشكيلها أول من أمس، حيث كان عربيات قد استنكف عن اللجنة، في وقت سابق، لاعتراضه على مكوناتها.
وفي السياق ذاته، يكشف القيادي والمراقب العام السابق للجماعة سالم الفلاحات، وهو أحد أعضاء اللجنة المعاد تشكيلها، في حديث لـ"الغد" عن مساع حثيثة موازية، لاحتواء الخلافات الإخوانية "برمتها"، بما في ذلك "أزمة زمزم"، معتبرا في الوقت ذاته أن الخلافات "ليست مفاجئة ومتوقعة في أي تنظيم سياسي".
ولا ينفي الفلاحات عدم وجود "طابع شخصي" بين أطراف الخلاف، مبينا لـ"الغد" أن "هناك قضايا معقدة، وأي تنظيم كبير يصبح فيه مجال للخلافات والمعطيات".
الفلاحات، الذي يؤكد أنه يقف على مسافة واحدة من أطراف الخلاف، يشير إلى أن جهود شخصيات وازنة تبذل حاليا، بعيدا عن لجنة المصالحة، التي أقرها مجلس شورى الجماعة الشهر الماضي. ولا يتردد بتحميل "الجميع"، مسؤولية ما آلت إليه الخلافات.
ولا يخفي الفلاحات ايضا تحفظه على مؤتمر إربد، قائلا "الجهود لن تفشل، وقيادات الجماعة لن يتركوها، بينما تتناول تحليلات إعلامية الخلافات سطحيا، وأعتقد أن مؤتمر إربد قد ضخّم، فهو اجتماع أداره عدة أشخاص، ولم يحمل صفة المؤتمر التنظيمي، لأن المؤتمرات لها قواعدها وأسسها".
ويعلق قائلا "هناك حاجة في البيت الإخواني للسماع للمناداة بالإصلاح واحترام الأطر التنظيمية للجماعة من دون شك"، فيما أكد الفلاحات أن الحلول التي تسعى إليها الشخصيات الوازنة "ستشمل كل الخلافات بما في ذلك زمزم".
الرغبة في احتواء الأزمة، تبدو ظاهرة لدى كل الأطراف، لكن من دون وقوع خسائر، مع بقاء احتمالات إعلان نفاذ قرارات الفصل بحق منسق "زمزم" ارحيل الغرايبة وجميل الدهيسات في أي وقت، باعتبارهما لم يتقدما للاستئناف أمام المحكمة العليا المركزية للجماعة.
ويشير مصدر في قيادة الجماعة لـ"الغد" إلى أن اتخاذ إجراءات تنظيمية بحق "زمزم" امر "حتمي لاعتبارات تنظيمية، فالجماعة استنفذت خياراتها في إتاحة الفرصة لمؤسسي زمزم بالاستئناف، عند تغيير لوائح المحاكم الداخلية، في جلسة الشورى الشهر الماضي، والتي شهدت أيضا قرار تشكيل لجنة مصالحة".
من جانبه، دعا القيادي في الحركة الإسلامية ورئيس مجلس شورى جبهة العمل الاسلامي علي أبو السكر، الجماعة لإجراء حوار داخلي حول تداعيات "مؤتمر إربد"، لاعتبارات تتعلق بـ"قضايا تم تداولها، وليست صحيحة".
واعتبر أبو السكر، في تصريح لـ"الغد" أن الجماعة "معنية بالحوار من باب الحرص على جميع الإخوان الأعضاء، وأن تجلي قيادة الجماعة الحقائق التي يجري تداولها".
ويقول "أتحدث هنا عن مؤتمر إربد. لا بد للجماعة أن توضح موقفها مما جرى تداوله، لأن هناك من بنى مواقفه على ما تم تداوله وهي ليست حقائق".
وفي سياق متصل، يعول عضو مجلس الشورى رامي ملحم على "لجنة المساعي الحميدة"، قائلا في تصريح لـ"الغد" إنه "لا بد أن تمنح هذه اللجنة بقيادتها الوازنة فرصة لممارسة دورها، بعيدا عن الجدل الإعلامي الدائر".
ويأتي حديث ملحم وسط تساؤلات، فيما إذا كان مجلس الشورى، سيذهب لاتخاذ أي تحركات لاحقة لاحتواء الأزمة.
وقال "كان هناك حالة إجماع في الشورى على تشكيل اللجنة، ونحن ننتظر التقرير الذي سترفعه للمجلس ولا بد من احترامه".
ويرى ملحم أن "مؤتمر إربد" ما هو إلا رد فعل على التعامل مع ملف زمزم، معتبرا أن "زمزم" حالة فكرية وحرية شخصية، للجماعة مصلحة فيها.
أما استبعاد "الانشقاق" بين صفوف الجماعة، فهي العبارة التي تكررها أطراف "زمزم ومؤتمر إربد" من دون تقليل المراقبين من مخاطر الخلافات الدائرة، وضرورة حسمها جنبا إلى جنب مع "ضرورة إعادة إنتاج خطاب إخواني سياسي" أكثر انفتاحا وانخراطا بالعملية السياسية في البلاد، بحسب رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط جواد الحمد.
من هنا، يستبعد الحمد حدوث انشقاق حقيقي في البيت الإخواني، استنادا للإرث التاريخي للجماعة من حيث المبدأ، معتبرا بأن الحركة الاسلامية أمام تحديات حقيقية لتجاوز الخلافات، ولديها فرص لذلك عبر "الحوار الداخلي وإعلان خطاب جديد، يعتمد على الانخراط في العملية السياسية".
ويعتقد الحمد، المقرب من الحركة الإسلامية، بأن المؤتمر "لا يعبر عن توجهات لقيادات منتخبة"، والدعوة لإصلاح الجماعة ليست إساءة لأحد، لافتا الى أن التنظيم الإخواني له قواعده وهيكله وليس تنظيما مؤقتا.
إلى ذلك، يأتي إعلان القائمين على "مؤتمر إربد" تأجيل أي نشاطات لاحقة، كان أعلن عنها سابقا، كخطوة لوقف الجدل الإعلامي الدائر، برغم تمسكهم برفع ما سمي بتوصيات المؤتمر لقيادة الجماعة، حيث من المتوقع أن تتولى شخصيات تسليم رئيس مجلس الشورى الدكتور نواف عبيدات التوصيات اليوم الخميس، بحسب ما صرح الناطق باسم مؤتمر إربد لـ"الغد" الدكتور زكي البشايرة.
أما عن الذنيبات، الذي يعتبر الشخصية الأبرز التي تبنت مؤتمر إربد، باعتباره مراقبا عاما سابقا للجماعة، وعضوا في مكتب الإرشاد العالمي للاخوان المسلمين، فامتنع من جانبه عن الإدلاء بأي تصريحات متعلقة بالمؤتمر، أو الخطوات اللاحقة المتوقع إعلانها.
إلا أن الذنيبات، اكتفى في اتصال مع "الغد" بالقول إن "موقفنا ما يزال إصلاحيا، ولا خروج على الجماعة، أما الحديث عن استدعاء من قبل قيادة الجماعة، فهو لم يكن استدعاء"، مضيفا "نحن الأصلاء وهم الدخلاء".
وفي ضوء ذلك، تبقى حالة التجاذبات التي يتوقع مراقبون استمرارها إلى حين، مرهونة بجهود لجنة "لجنة المصالحة أو المساعي الحميدة" والتي أمهلت شهرا، منذ تشكيلها الأول، في 17 أيار (مايو) المنصرم، فيما يرى مراقبون أن انعكاسات تلك الخلافات ستلقي أيضا بظلالها على انتخابات قيادة حزب الجبهة المتوقعة نهاية الشهر الحالي.
وكان مسؤول الملف السياسي في "زمزم" نبيل الكوفحي، قد رحب في وقت سابق بلجنة المصالحة ومساعيها لإيجاد حل توافقي لتداعيات المبادرة.(الغد - هديل غبّون )