مصر هي الدولة العربية العريقة التي يعود تاريخها كدولة لأكثر من سبعة آلاف سنة دون انقطاع، وهي اليوم أكبر بلد عربي من حيث الكثافة السكانية، إذ يبلغ تعداد الشعب المصري بين 90 إلى 100 مليون نسمة، يشكلون أكثر من ربع الامة العربية.
كانت مصر دائماً تلعب دوراً عربياً محورياً، وكانت باستمرار تحتل مركز القيادة في الوطن العربي ابتداءً بالعهد الملكي، وبلغ دورها الأوج في عهد المرحوم جمال عبد الناصر، ثم انتكس بعد زيارة أنور السادات لإسرائيل وعقد صلح منفرد معها، كما أنها انكمشت واستقالت من دروها العربي في عهد حسني مبارك الذي ساده ركود سياسي غير مسبوق.
السؤال الآن: هل ستسترد مصر دورها المركزي في قلب الوطن العربي في عهد رئيسها الجديد عبد الفتاح السيسي الذي يذكرنا بعبد الناصر ويحاول بالفعل إعادة إنتاج دوره كزعيم كاريزمي باتجاهات قومية عربية.
يتسلم السيسي قيادة مصر وهي في الحضيض أمنياً واقتصادياً، وتعاني من مشاكل اجتماعية وإدارية خانقة، والمفروض أن لدى الرئيس الجديد خطة لإنقاذ مصر، ومع أنه طلب مهلة سنتين لتحقيق نتائج ملموسة، إلا أن الأرجح أن تكون هناك إجراءات عاجلة خلال المائة يوم الأولى تدل على الاتجاه العام.
محبو مصر يريدون للسيسي أن ينجح وأن يكون عبد الناصر، ولكن بدون أخطاء عبد الناصر، وهذا شرط ليس مستحيلاً، فالأخطاء المطلوب تجنبها أصبحت محددة ولا يجوز تكرارها. ولو عاد عبد الناصر نفسه فإنه سيستفيد من التجربة الناصرية، ويتجنب أخطاءها، سواء في مجال الديمقراطية أو رأسمالية الدولة أو العلاقات السلبية مع معظم الأنظمة العربية، ناهيك عن هزيمة 5 حزيران 1967 التي يتحمل مسؤوليتها.
الأردن في مقدمة الدول العربية التي لم تتردد في تأييد مصر في عهدها الجديد والاعتراف بخيارات شعبها، وكان جلالة الملك عبد الله الثاني أول رأس دولة يزور مصر ويجتمع بقادتها الجدد، وقد عبـّر بعد عودته إلى عمان عن إعجابه بالزعيم الجديد الذي يدعو للاحترام، وبالفريق المحيط به من الخبراء البارزين في جميع المجالات.
مصر هي التي تحدد الاتجاهات العربية المستقبلية، وما يحدث في مصر اليوم يؤشر إلى ما سيحدث في الوطن العربي غداّ.
(الرأي)