هناك فرق شاسـع بين المنح والقروض التي تطلق عليها صفة (ميسرة)، ومع ذلك فإن الحكومة ممثلة بوزارة التخطيط تتعامل مع المنح والقروض معاً تحت اسم مساعدات.
بهذا المعنى يكون الاردن قد أبرم خلال الثلث الاول من هذ السنة اتفاقيات (مساعدات) يبلغ مجموعها 755 مليون دولار كما يقول احد العناوين في (العرب اليوم).
بالرجوع إلى التفاصيل التي نشرتها الصحيفة يتضح أن القسم الأكبر أي 84% من هذه (المساعدات) هو في الواقع قروض تستوجب السداد مع الفوائد، وتضاف إلى مديونية المملكة بالعملة الأجنبية التي تجاوزت عشرة مليارات من الدولارات.
جاءت هذه (المساعدات) بموجب ثماني اتفاقيات يمكن تلخيصها بقروض من أميركا والبنك الدولي والاتحاد الأوروبي يبلغ مجموعها 635 مليون دولار، وعدة منح لا يزيد مجموعها عن 120 مليون دولار، أسهمت فيها اليابان وألمانيا والاتحاد الأوروبي.
ما يلفت النظر أن الاتفاقيات الموقعة تعطي القروض مسحة إنمائية شكلية، ليتم تصنيفها إعلامياً كمساعدات، مع أنها في الواقع مجرد قروض عادية، فالقرض الأميركي مثلاً يهدف نظرياً لدعم سيادة القانون، وإشـراك المواطنين ومشاركتهم في السياسات، ودعم المجتمع المدني(!) أما القرض الاوروبي فيهدف لتمكين الاقتصاد الأردني من تجاوز آثار الأزمات الاقتصادية، ومواجهة التحديات والصعوبات (!) وأما قرض البنك الدولي فهدفه المزعوم تحسين الشفافية والمساءلة، وتحسين إدارة الدين العام، وكفاءة الإنفاق الحكومي، وترويج النمو الاقتصادي من خلال القطاع الخاص (!).
كل هذه الأهداف جميلة ومرغوب فيها ولكن لا علاقة مباشرة لها بالقروض التي تذهب حصيلتها إلى الخزينة لسد العجز الناشئ عن زيادة الإنفاق العام وتأجيل مواجهة التحدي الحقيقي.
تحت هذه الظروف من غزارة القروض الخارجية بالعملة الأجنبية، من الطبيعي أن ينعكس جانب منها على احتياطي البنك المركزي من العملات الاجنبية، ولكن هذا التحسن في الاحتياطي المرحب به ليس إنجازأً ولا يستحق الاعتزاز إذا كان مصدره القروض التي يمكن اعتبارها احتياطياً سالباً.
الحديث عن ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية يجب أن يقترن بالحديث عن ارتفاع المديونية بالعملات الأجنبية.
(الرأي)