»أوباما .. عن أي معارضة سورية معتدلة تتحدث؟!
جهاد المنسي
01-06-2014 05:24 AM
تتلبد الغيوم في الافق، وتبدو المنطقة بكل أركانها مقبلة على قرارات مصيرية ذات صلة بالاوضاع بشكل عام، ففي الوقت الذي انهى الفلسطينيون مصالحة تاريخية داخلية، اعتبرت تطورا يمكن ان يتم البناء عليه، تواصل إسرائيل سياستها في تهويد القدس وتدنيس المقدسات وسط صمت عربي رسمي مخجل.
وفي الوقت الذي انهى المصريون فيه انتخاب رئيس جديد لهم اعادوا فيه تموضع المؤسسة العسكرية على رأس السلطة السياسية في مصر، وكرسوا فيه سياسة الاقصاء التي اتبعت سواء في عهد مبارك أو مرسي ومن ثم عهد السيسي الجديد، تذهب ليبيا الى المجهول وتسيطر الفوضى على كل شبر من البلاد.
وفي منطقة الهلال الخصيب ما يزال لبنان يبحث عن رئيس توافقي يحقق الشروط الصعبة لكل الاطراف، وفي العراق ما تزال الحرب بين "داعش" الارهابية والقوات النظامية العراقية حرب كر وفر، يقفز في الأفق خلاف اركان المؤسسة السياسية في البلاد وسط تصاعد الشد الطائفي والمذهبي والعرقي.
وفي سورية يذهب السوريون يوم الثالث من حزيران لانتخاب رئيسهم رغم ان البلاد تقع تهديد وابل من الجيوش الارهابية القادمة من اصقاع العالم، والتي تريد زعزعة الاستقرار وإدامة أمد القطيعة بين افراد الشعب الواحد، ولكن السوريين وعندما ذهبوا لصناديق الاقتراع في الخارج بعشرات الاف لانتخاب رئيس جديد لهم اثبتوا انهم يؤيدون دولة مدنية عصرية حضارية مدنية علمانية تعزز اركان الدولة، وسطروا رفضهم لكل فكر تخريبي ارهابي اجرامي يريد ان يقسم بلادهم، ويواصل سياسة جز الرؤوس وقتل الاطفال واغتصاب النساء.
الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة لا يريد لسورية ان تنهض، ولا يريد للسوريين قول كلمتهم، انما يريد لهم قول ما تمليه عليهم اميركا والغرب، وحلفاهما في المنطقة.
فالرئيس الاميركي باراك اوباما الذي ما يزال في عنقه وعد قطعه في جامعة القاهرة قبل حين ولم يستطع تنفيذه، عاد ليتحدث عن دعم عسكري للمعارضة السورية، وقبل ان يقع تحت وابل نقد الرأي العام الاميركي الذي بات يعرف يقينا ان في سورية جماعات ارهابية ولا يوجد فيها جماعات معارضة اخرى، استدرك ليقول ان الدعم سيكون لـ"المعارضة المعتدلة"ّّّّ!
عجبا أيوجد في سورية معارضة معتدلة؟! فعن أي معارضة يتحدث الرئيس أوباما؟ وبما أن المقصود ليس "داعش" و"النصرة" بصفتهما منظمتان ارهابيتان تقول وكالة الاستخبارات الاميركية انهما ضمن قوائمها الارهابية، فإن اميركا تقصد حتما بـ"المعارضة المعتدلة" جماعة الائتلاف السوري المعارض والجيش الحر.
اميركا ودول غربية كثيرة وازنة تعرف يقينا ان جماعات المعارضة المعتدلة تلك لا اثر ميدانيا لها في سورية، وكان الافضل للولايات المتحدة ودول عربية وغربية، تقبل العزاء بها منذ وقت طويل، فهؤلاء لم يشكلوا نواة معارضة يوما، ولم يستطيعوا خلال سنوات اقناع السوريين ليس في سورية الداخل وانما في الخارج الذي يفترض أنهم هاربون من "بطش وجور النظام السوري" بهم ولم يستطيعوا التواصل معهم.
فشلت فضائيات عالمية وعربية، وكتاب ومحللون وضعوا كل طاقاتهم لابقاء العيون لا ترى الا ما تبثه محطاتهم الحالمة، ولا تقرأ الا ما يكتبون في تحليلاتهم، فخاب املهم، ولم يتمكنوا من اخفاء حقيقة الاقبال الكثيف للسوريين في الخارج على الاقتراع، رغم ان سفارات عربية وغربية اقفلت في وجه آخرين، خوفا من كشف زيف ادعاءاتهم وما يقولون.
ان اقبال السوريين في الخارج على صناديق الاقتراع بكثافة لانتخاب رئيس لهم رغم دعوة المعارضة في الخارج للمقاطعة دليل على عدم قدرة تلك المعارضة على الاقناع، وعدم قدرتها على الوصول للناس، وابتعادها اميالا كثيرة عن التواصل معهم، بسبب عدم وجود برنامج حقيقي لتلك المعارضات، برامج تؤسس لدولة مدنية عصرية حضارية تحافظ على ارث اقدم الحضارات ولا تسويه في الارض.
هي الفوضى الخلاقة التي تبحث عنها اميركا، لإبعاد العيون عما تفعله اسرائيل في فلسطين، ولا بأس بأن تتقطع اوصال الدول وتتمزق الشعوب وتشرد في سبيل بقاء اسرائيل العنصرية آمنة مستقرة.
(الغد)