مصر .. استفتاء لا انتخابات
فهد الخيطان
31-05-2014 03:00 AM
بالأرقام، لا تختلف نسب المشاركة في انتخابات الرئاسة المصرية الأخيرة عنها في انتخابات 2012. في الحالتين، كانت النسبة أقل من خمسين بالمئة؛ ففي الجولة الثانية بين المرشحين محمد مرسي وأحمد شفيق، شارك نحو 25 مليون ناخب، وهو تقريبا العدد نفسه الذي شارك في انتخابات الرئاسة التي جرت منذ أيام، وفاز فيها عبدالفتاح السيسي.
سنضع جانبا اتهامات المعارضة المصرية للنظام المصري بتزوير الانتخابات الأخيرة التي وصفتها بعثة الاتحاد الأوروبي بالنزيهة وغير العادلة، فهناك ملاحظات أهم جديرة بالتوقف عندها إذا ما قورنت بانتخابات 2012. وربما يكون تعليق البعثة الأوروبية هو المفتاح لتحليل "العرس الديمقراطي" في مصر.
بالنظر إلى التركيبة السكانية للمشاركين في انتخابات 2014، لاحظ المراقبون الغياب شبه الكلي للناخبين الشباب، خلافا لما كانت عليه الحال في انتخابات 2012. لقد بدا واضحا من وجوه المصطفين في طوابير الناخبين أن معظمهم فوق سن الأربعين. ولذلك دلالة بالغة الأهمية؛ فملايين الشباب الذين نزلوا إلى ميادين مصر في ثورة 25 يناير وكان لهم الفضل في إسقاط نظام مبارك، كانوا خارج العملية الانتخابية ولم يشاركوا في "العرس"، في تعبير عن خيبة أمل لما آلت إليه الحال في مصر.
قلة قليلة من شباب الثورة وقفت إلى جانب المرشح حمدين صباحي، بدليل ما حصل عليه من نسبة متواضعة، جاءت أقل من نسبة الأصوات الباطلة التي تجاوزت المليون ورقة انتخاب، وهؤلاء على الأرجح شباب يمثلون الصوت الاحتجاجي في الانتخابات.
انتخابات 2012، كانت انتخابات تنافسية بحق. والتنافسية معيار مهم من معايير النزاهة، ولهذا وصفت بعثة الاتحاد الأوروبي الانتخابات الأخيرة بغير العادلة؛ لافتقارها لعنصر المنافسة في ظل وجود مرشحيْن فقط، أثبتت النتائج أنهما غير متكافئين أبدا.
في انتخابات 2012، انتظر العالم حتى الدقيقة الأخيرة قبيل إعلان النتائج رسميا، ليعرف اسم الفائز برئاسة مصر؛ بينما في الانتخابات الأخيرة كان اسم الرئيس معروفا حتى قبل أن يترشح.
كما كانت تلك الانتخابات تنافسية بالفعل، فلم تحسم من الجولة الأولى كما هي الحال في انتخابات السيسي وصباحي. وكانت حصص المرشحين من الأصوات في انتخابات 2012 متقاربة جدا، وهذا مؤشر مهم على التنافسية، أما في الانتخابات الحالية فلم يتوفر الحد الأدنى من التنافس؛ مرشح حصل على 97 بالمئة من الأصوات، ومنافسه على أقل من نسبة الأصوات الباطلة!
أما الخروقات التي شهدتها الانتخابات هذه المرة، فلم تختلف كثيرا عما حصل في 2012: تسويد بطاقات، وشراء أصوات، وتزوير محاضر؛ وكلها لصالح مرشح واحد. التجاوز الأخطر في الانتخابات الأخيرة ربما يكون تمديد فترة الاقتراع يوما ثالثا في ضوء الإقبال الضعيف على صناديق الاقتراع.
من ذلك كله نخلص إلى القول إن ما شهدته مصر خلال الأيام الماضية لم يكن انتخابات بالمعنى المعروف، بل استفتاء على مرشح واحد هو السيسي؛ تماما كما كان الأمر قبل تعديل الدستور أيام حكم مبارك، وما كان أيام صدام حسين في العراق، وفي سورية قبل سنوات.
(الغد)