عقدة مرسي إذْ تؤرق السيسي
عمر كلاب
29-05-2014 03:31 AM
في كل حرب شيء مما قبلها، والانتخابات كما الحروب، فيها شيء مما قبلها، ولعل هذا ما تسعى الادارة المصرية الحالية الى تجاوزه بوصفه عتبة النجاح وعتبة التفويض الشعبي لإنجاح خريطة طريق ثورة 30 يونيو المصرية ، التي اطاحت بحكم الرئيس السابق محمد مرسي، فتمديد الانتخابات ليوم ثالث وحملة الحشد القبلية للمشاركة في الانتخابات كانت تستهدف كسر حاجز الـ “ 25 “ مليون صوت وهو تعداد الذين شاركوا في اول انتخابات رئاسية مصرية مفتوحة وأوصلت مرسي الى مقعد الرئاسة، وليس انضاج الثورة المصرية ومشروعها النهضوي .
سُعار الرقم اوقع الادارة المصرية في مطب اكثر بؤسا من الدلالة الرقمية الصماء التي لا تسمن ولا تُغني من جوع ، فالظروف الموضوعية تغيرت وثمة قطاع واسع قاطع الانتخابات “ الاخوان وثوار الميدان والثوريون الحاسون بمرارة فشل مشروع الربيع العربي برمته “ ناهيك عن المواطن قليل الحيلة الذي اعتاد قبول ما يأتي من النخبة وهو على اريكته او المواطن المؤمن بقدوم السيسي مهما كانت الآلة الحاسبة، وكل هذه التيارات غابت عن المشهد الانتخابي، واي تحفيز لن يجعلها تضع ورقة في الصندوق او تبادر الى النزول الى الشارع للفرجة، فشاشات الاعلام المصري تقدم وجبات اعلامية منتهية الصلاحية ووجبات طازجة وما تيسر من تناقضات وعويل على ضياع الفرصة للانتقام رقميا من انتخابات 2012 .
عقدة رقم مرسي ليست طارئة على الادارة المصرية الحالية التي انعشت فكرة الانتخابات وخريطة الطريق بفكرة الخلاص من الاخوان فأنبوبة الاكسجين التي تنفست منها الادارة الحالية مليئة بفكرة الخلاص من الاخوان واستعادة الدولة المخطوفة من التنظيم والعشيرة الاخوانية وليس استعادة الثورة وانضاجها، وبما ان الواقع العملي أشّر بوضوح على تراجع اثر وتأثير الاخوان في الساحة المصرية وساحات عربية كثيرة، فقد فشلت عملية التحفيز، بل بدت سلاحا قديما وباليا في معركة كانت تتطلب ابداعات من طراز مختلف، لا تستند الى الماضي وارهاب الشارع من عودة الاخوان بقدر ماتستهدف استعادة مصر ودورها وقوتها، لأن الشارع حسب الدلالة الرقمية في 30 يونيو انحاز الى رحيل الاخوان وسجلت كاميرات المخرج خالد يوسف ملايين المصريين يبايعون السيسي، المُطالب بتقديم الجديد وليس استنساخ الماضي عبر عملية استوساخ سياسي استشعر المواطن فيها عودة الادوات السابقة لنظام وحزب رحلا غير مأسوف عليهما من جموع الشارع المصري، فرؤية رجالات الحزب السابقين في المشهد احبط كثيرين .
القانون المصري يقول صراحة، إن الفائز هو الحاصل على اعلى الاصوات او على 50% من المشاركين ولم يتحدث عن دلالة رقمية لجموع المسجلين، ولكن عقدة الرقم طاردت الادارة المصرية التي لجأت الى التحشيد بدل الاقناع بالمشاركة وأسهم التحشيد الاعلامي بدل التسويق الاعلامي في الاحباط الشعبي بعد ان انفلت عقال الاعلام المصري الذي يشهد مذبحة فضائية لكل معايير المهنية، وغفلت الادارة والاعلام بأن الشارع المصري يحتاج الى من يمتلك الارادة بالعمل والفعل بصرف النظر عن الرقم الحاصل عليه .
خريطة الطريق المصرية عتبتها تلبية احتياجات المواطن المصري وليس الدلالة الرقمية للرئيس القادم رغم ما سيقوله انصار مرسي عن التفويض الشعبي في حال تراجع الرقم عن رقمهم في الانتخابات الرئاسية السابقة، ولا يجوز ربط مستقبل دولة وشرعية انتخابات بهواجس ستخرج الى العلن حتى لو حصل الرئيس القادم على اضعاف ما حصل عليه مرسي .
مشهد الانتخابات المصرية لم ينجح في تطمين كثير من القلقين على مصر ومستقبلها بوصفها الشقيقة الكبرة وام معاركنا الكبرى كما قال الشاعر مظفر النواب، بل اوضح ان عقدة مرسي ما زالت تطارد مقعد الرئاسة المحسوم للمشير السيسي، وأي عمل تحت وحي وتاثير عقدة، محفوف بالمخاطر ولن نقول، محكوم بالفشل .
(الدستور)