طلبته " قرطوس حاملة مشوية " وفي أثناء إنشغاله لتحضير الطلبية سقطت مني نظرة على الورق الذي يستخدمه البائع في تعبئة " الحاملة " ، فإذا به ورق من اوراق الكتب المدرسية ، " صفنت " و " سرحت " في المؤلفين والكتاب والأدباء والشعراء وناشرين الكتب والوزارة التي انفقت وسرفت على طباعة الكتب والمعلمين والمعلمات الذين علموا ودرسوا الطلبة هذه الكتب ، وعلى الأموال التي انفقت على هذه الكتب كيف في النهاية أصبح مآلها عبارة عن " قر طوس حاملة " مشوية ، يا إلهي كيف لو يدري الشاعر او الأديب او الكاتب الذي كتب و قضى ليله ونهاره يفكر ويتدبر ويسهر وما " ينام الليل " في إعداد وإخراج إبداعاته الفكرية وتحمل أفراحه واحزانه وأشجانه وآماله ومعاناته حينما أخرجها من عقله الباطني وعصفه الذهني أن كل ذلك عبارة عن منتج ورقي يستخدم في لف " الحاملة المشوية " .
انا لا ألوم او اعتب على بائع " الحاملة المشوية " فعلى الأقل البائع يقوم بإعادة أستخدام الورق في جني رزقه في الوقت الذي ترمى فيه آلاف الكتب المدرسية في أكوام وأنقاض النفايات في اغلب بلديات المملكة ، ليكون التسأؤل هل عجزت حكوماتنا عن البحث عن طريقة للتعامل بأسلوب مستدام او أية مبادرة للتعامل مع هذه المعضلة الاقتصادية والبيئية على مدى الأعوام الماضية ؟ ومتى ايضا تقوم الأسرة بواجبها نحو ابناءها وبناتها لثنيهم وتوعيتهم للحفاظ على هذه الكتب بعد إنتهاء العام الدراسي ؟ بدلا من تمزيقها ورميها في شوارعنا لتصبح بيضاء من جراء الورق المتساقط عليها كالثلج الأبيض إعلانا منهم بأنهم " ختموا العلم " ولم يعد هنالك داع للحفاظ على هذه الكتب .
شيء مؤلم ان نتعامل في " بطر " وعبث مع نعمة الورق في الوقت الذي ما زالت فيه بعض البلدان الفقيرة وفي قرننا الواحد والعشرين يتعلم فيه الطالب عبر ألواح الخشب ، لن يقودني هذا الألم في التفكير على نعمة الورق بان اطلب من الحكومة مثلا توفير " آي باد " للطلبه أو أي وسيلة إلكترونية أخرى تغنينا عن الورق فالموازنة مثقلة بهموم وشجون تلبية مطالب خدمية عامة أخرى ، ولكن لماذا لا تنهض وزارة التربية والتعليم وبالتعاون وزارة البيئة الأردنية للتعامل مع هذه المشكلة وكثيرا من خبراءها يعلمون ومطلعون على الوسائل المثلى في إعادة وتدوير الورق في دول العالم المتقدم بالتعاون مع الجمعيات البيئية المنتتشرة في كل محافظات المملكة بدعم وتمويل من المنح والبرامج الدولية المقدمة للحكومة بالآلاف أو الملايين ؟!
إن ظاهرة الكتب المدرسية الممزقة والمتراكمة في أنقاض النفايات في بلديات الممكلة هي ظاهرة متكررة في نهاية وبداية كل عام دراسي علينا جميعا أن ننهض كوزارات حكومية وأهالي ومؤسسات مجتمع مدني أن نتعاون في حلها ...فحرام إقتصاديا وبيئيا وثقافيا وإجتماعيا ان تكون كتبنا المدرسية على موعد مع القطط والكلاب الضالة ومخلفات طعامنا وشرابنا المتسخ بهذا الشكل بكل عام ، وحرام على أمة " إقرأ " أن تمتهن كرامة كتبنا المدرسية والتي تنتهي صفحاتها ب " أنتهى ولله الحمد " وان يكون مصيرها ومآلها مع النفايات بل أستغفروا الله على هذا الترف والسرف في نعم الله ....!!!