كنت في زيارة لأحد الأصدقاء ،حيث تصادف وجود العديد من الاشخاص في تلك الجلسة ، و من ضمنهم الحاج أبو محمد - بطل القصة و صاحب النظرية - .
اسمحوا لي في البداية أن أعرفكم قليلا على الحاج أبو محمد : هو رجل في الخمسين من العمر ، نموذج جميل من الناس الذين يعيشون على كوكب أخر غير الذي يعيش عليه بقية مخاليق ربنا ، يهوى العزائم و جلسات الموائد - يحب المال - و ما بيعرف وين الله حاطه بهل الدنيا ( كما يقول المثل ) ،
أما مختصر القصة ( كي لا أطيل عليكم ) ، فقد كنت اتحدث مع الاصدقاء حول التطور العلمي الذي شهده الغرب ، و ليس الغرب فقط و لكن النهضة التي شهدتها دولا كنا نعُدها لفترة قريبة من الدول المتخلفة مثل بعض دول شرق اسيا ، و كيف أنها اصبحت الآن نموذجا يجب الاحتذاء به ، و كيف أن الغرب قد سبقنا بمراحل كثيرة في مجال التصنيع و التكنولوجيا ، و كيف اصبحنا مجتمعا استهلاكيا من الطراز الاول ،
استمر الحديث ساعتين ، طبعا كل هذا و الاخ أبو محمد شبه نائم و لا يشارك بالحديث ، و ربما ينتبه من غفوته أحيانا ليتفقد المائدة خشية أن يتم تقديم الطعام أثناء نومه ،
ثم فجأة و دون سابق انذار استيقظ الحاج أبو محمد من غفوته و اعتدل في جلسته و فتح فمه استعدادا لينطق بالجوهرة المكنونة و يُعلن نظريته على الملأ ، فقال :
سبحان الذي سخر الغرب لخدمتنا و فرغنا لعبادته
هكذا خرج علينا أبو محمد بهذه النظرية ، و قد حمد الله و شكره على تسخير الغرب لخدمتنا و ليريحنا من التعب - كي نتفرغ نحن فقط لامور العبادة !
أنا لم أجد أي تعليق على نظرية الحاج أبو محمد ، فمن المحزن أن يصل بعض افراد امتنا الى مرحلة من الجهل و اللاوعي بحيث يرى أن سلبيتنا و تخلفنا هو نعمة من عند الله و فضل !!!!!
فلو كان الامر كذلك لما قام العرب و المسلمون الاوائل بإنشاء هذه الحضارة العظيمة التي امتدت الى عدة قرون ، و حكمت أكثر من نصف العالم .
ليس غريباً علينا نموذج أبو محمد الذي لايفقه من الحياة سوى مايداعب رغباته وملــذاته ،
انه الامر المضحك المبكى ،
أما الامر المؤلم فهل لك ان تتخيل كم مليون ابو محمد يعيشون في مجتمعاتنا العربية ؟
يمثلون اكبر سوق استهلاكية في العالم ، و ليس لهم اي مكان على خريطة ،
هذا ماأراده الغرب ، أن يجعل منا اناس ثملين بلا سُكر ، همنا فـــي بطوننا وملذاتنا ، وعديمي الشعور بأيـة مسؤولية وطنية أواخلاقية و لا نفقه شيئا مما يدور حولنا .
الأتكال الكامل على الغرب أو بالأحرى على الدول الصناعية لتُقدم لنا كل مانحتاجه وبأثمان ربما تكــــون بخسة نعتقده نعمة في الوقت التي تنعكس علينا تبعاتها بعد حين لتصبح علينا نقمة ،
و اخيرا اقول ، هل الغرب يخدمنا فعلا .. ام نحن اصبحنا خدما للغرب .
yousco1@yahoo.com