الصلاة في أقرب نقطة للمسجد الأقصى
اسعد العزوني
26-05-2014 03:23 AM
يوم الجمعة الماضي ،شرفت بتلبية دعوة من الأخ والصديق الإعلامي الفلسطيني المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية / رئيس مؤتمر "القدس وشدوا الرحال"،د.هشام التلاوي، لمرافقة مجموعة من الفلسطينيين المقيمين في الأردن وبعض دول الخليج ، إلى منطقة الأغوار الأردنية للصلاة في أقرب نقطة للمسجد الأقصى ، مع أن النية مبيتة للصلاة في الأقصى لكن ظروف الإحتلال تمنعهم ،فلذلك سيصلون في تلك المنطقة القريبة وهكذا كان.
إنطلقنا من العاصمة عمّان في حافلة كبرة ،تتبعها سيارت صغيرة في الساعة الحادية عشرة بإتجاه غور الأردن، ووصلنا منطقة الشونة الجنوبية بالتزامن مع صلاة الظهر،وكانت أقرب نقطة للمسجد الأقصى الأسير، الذي يقع خلف التلال التي كانت خلفنا،وصلينا الجمعة في الهواء الطلق القائظ،حيث إصطف الرجال ومن خلفهم النساء،وألقى الخطيب فينا خطبة قصيرة ، قال فيها أننا الآن قريبون من المسجد الأقصى المبارك ،وعقنا العزم ،وبيتنا النية أن نصلي فيه ،لكننا لم نستطع بسبب الإحتلال .
تحدث الخطيب عن أهمية المسجد القصى ،وأن معجزة الإسراء والمعراج أكدت على أهمية فلسطين والقدس وربطهما بالحجاز حيث مكة والمدينة ، وتنقسم إلى قسمين ،رحلة برية من مكة إلى القدس ،ورحلة جوية من القدس إلى السموات العلى، دعما للرسول عليه السلام بعد وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها.
كما تطرق الخطيب إلى المؤامرات التي ما تزال تتعرض لها القدس على يد إسرائيل وأعوانها،وأن المسجد الأقصى يستصرخ المسلمين والعرب على حد سواء، ليتحركوا قبل هدمه،لكنه إستطرد بالقول أن الله جلت قدرته سيحمي بيته ،وقد وعدنا الله بالنصر ،وذلك يتطلب منا العمل وإعداد العدة من أجل النصر الموعود.
كانت الأرض جدباء ،إلا من بعض الشجيرات الصحراوية التي صممها الله على شكل خيمة تظل من تواجد في المنطقة في مثل هذه الأيام،وكان الحر قائظا لولا بعض النسيمات التي كانت تهب بين الفينة والأخرى، لكن الأنفس كانت مبتهجة رغم ألم الحرمان والفراق ،وتمثلت لدى الجميع معاني الجهاد ،حيث على قدر أهل العزم تأتي العزائم ،ومن يخطب الحسناء لا يغله المهر.
تجلى فرح المشاركين والمشاركات في رحلة الجهاد تلك، بأنهم جاؤوا من بلدان عديدة لتأدية الفريضة الغائبة التي ألغيت في مؤتمر داكار الإسلامي في ثمانينيات القرن المنصرم،وشدوا الرحال إلى أقرب نقطة للقدس في الأغوار قريبا من البحر الميت ،كونهم لا يستطيعون الدخول إلى فلسطين المحتلة، وحسب ما سمحت به الظروف ،وكانت رسالتهم واضحة :لقد صلينا الجمعة بالقرب من الأقصى لأننا محرومون من الصلاة فيه بسبب الإحتلال الإسرائيلي.
معروف أن برنامج "شدوا الرحال "،ينقسم إلى قسمين ،الأول لمن يحملون جوازات سفر أمريكية وأوروبية حيث يسمح لهم الدخول إلى القدس والصلاة في المسجد الأقصى ،والثاني لمن لا يستطيعون الدخول إلى فلسطين ،وكل ذلك جهاد إنشاء الله،وتزامنت هذه الفعالية مع تحرك لأهالي قطاع غزة بإتجاه القدس للصلاة في الأقصى.
بعد صلاة الجمعة في الهواء الطلق القائظ،توجهنا إلى مزرعة آل الصالحي لتناول طعام الغداء،كون جمعية آل الصالحي هي التي قامت برعاية هذه الفعالية،وقال عضو المجلس الوطني الفلسطيني ممثل مؤتمر "القدس وشدوا الرحال" في السعودية ،د.أحمد الريماوي في كالمة مقتضبة ،أن الأمل يحدوهم لتكرار مثل هذه الفعاليات أسبوعيا نحو القدس نصرة للأقصى،لتصبح أمرا واقعيا يفرض نفسه على الأجندة الدولية.
وصف الريماوي بيت المقدس بأنها أرض المحشر والمنشر ،وأن نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ،أمر صحابته بالصلاة فيه ، وإن لم يتمكنوا فليبعثوا بالزيت إلى أسرجته كونه كان تحت الإحتلال الروماني آنذاك، وأكد للحضور أننا متجهون إلى الأقصى بوعينا وتفكيرنا وقلوبنا ،وطلب من الجميع الوقوف وقراءة الفاتحة على أرواح شهداء الأقصى وبيت المقدس.
أما الأستاذ محمد سدر من اللجنة الملكية لشؤون القدس في الأردن ،فأكد بدوره أن هذه الفعالية هي لمصلحة القدس ،وأننا ما نزال نتفيأ الظلال السوداء لنكبة فلسطين المستمرة والمتتالية بصور عديدة قاتمة،وأن الأقصى اليوم يتعرص لهجمة إسرائيلية شرسة ،كما أوضح أن هذا النشاط هو تأسيس للرحلة المقبلة إنشاء الله للعودة إلى فلسطين والقدس ،وأن ذلك يحتاج إلى عمل.
تحدث ممثل جمعية آل الصالحي الأستاذ كمال الصالحي ،واصفا الرحلة بالرمزية للتاكيد على عروبة وإسلامية القدس ،معربا عن أمله أن يتمكن الفلسطينيون من العودة إلى ديارهم التي هجروا منها بالغدر والحيلة.
ومن جهته أكد رئيس مؤتمر القدس وشدوا الرحال د .هشام التلاوي أن هناك ثلاث حملات نفذت لأناس دخلوا القدس وصلوا في الأقصى وهم من حملة الجوازات الغربية ،وأن هذه الرحلة هي لمن لا يستطيعون الوصول إلى القدس،وهي الأهم،مؤكدا أنها رحلة حقيقية إلى القدس ،لأننا عقدنا العزم على الصلاة في الأقصى ولم نستطع الدخول،وهي رحلة نحو الأقصى.
وقال أننا نريد خلق واقع جديد على الأرض لنجبر العالم على التجاوب معنا ،مذكرا أن الإسرائيليين خلقوا وفرضوا واقعا جديدا في المسجد الإبراهيمي في الخليل وقسموه زمانيا ومكانيا ،وهم يحاولون تكرار الحيلة في المسجد الأقصى.
كما طالب د.التلاوي بخلق ثقافة القدس عند العرب والمسلمين ،كما فعل اليهود الذين كانوا يحجون إلى مالطا القريبة من فلسطين وتطل على القدس أواخر العام 1800م،وأنهم بعد دخول بريطانيا إلى مصر إتجهوا نحو منطقة البحر الأحمر فالعريش ،وخلقوا عند أبنائهم في الخارج ثقافة القدس وفرضوا عليهم زيارتها عند بلوغهم سن الثامنة عشرة .
وبدوره وصف عضو المجلس الوطني الفلسطيني نجيب القدومي هذه الخطوة بالبسيطة ،لكن معناها كبير وسامي ،فهي إدانة للصمت العربي الإسلامي على الإنتهاكات التي يتعرض لها الأقصى، الذي بات مهددا بالإنهيار بسبب الحفريات. وأنها مبادرة عفوية تتميز بالإصرار على حق العودة إلى القدس وفلسطين.
إختتمت الفعالية بقصائد شعرية وطنية منها قصيدة للدكتور جعفر المعايطة من الكرك ، جاء فيها : أفتخر ..فلسطيني وأمي أردنية من الكرك والطفيلة ومعان ..وأصلي تميمي.. الأصل كنعان وأريحا 1951..لا وطن بديل ..وعن فلسطين لا تحويل ولا تبديل.