في رحلة غير سياحية لمدينة المدرجات العتيقة.. والعتب الدفين.. الى جرش الفاصلة بين غابات الصنوبر والملول.. وخيوط اللبن والقمح..ومدينة الاقواس التي شيدت لمرور الاباطرة ممن صنعوا التاريخ..
كانت وجهتنا اليوم لنلتقي بعشرات الرجال والنساء الذين امنوا بمستقبل الاردن.. وتابعوا محاولات الاصلاح التي توالت بمعدل برنامج لكل عام.. وكان لهم حول كل خطوة رأي... وفي كل مرة امل بان تتحقق الاحلام التي كنا نأجل ملامستها عاما بعد عام.
فمنذ نهاية القرن الماضي وحلول الالفية الثالثة... توالت برامج التنمية والتغيير والوعود بحياة سياسية واقتصادية ينعم فيها المواطن بمساهمة اكبر في صناعة القرار وتغيير الواقع... فمن حوسبة التعليم.. والدخول الى اقتصاد المعرفة.. الى استحداث وزارة التنمية السياسية وتوالي البرامج التي صممها الوزراء الذين لم يعمر اي منهم لاكثر من عام في جولة واحدة.
اختار البعض ان يجول البلاد في محاضرات تبشيرية... واكتفى البعض في اغلاق بوابة المكتب والاستنكاف عن مقابلة الجماهير او الموظفين.. البعض قصر التواصل على الاحزاب والقوى الناشطة في حين تبنى البعض برنامجا توعويا توجة الى المدارس والجامعات والاعلام بمشاركة منظمات المجتمع المحلي. فهم البعض ان لا فائدة من كل المحاولات فاعد توليفية تكفل استخدام الحد الادنى من الادبيات والوعود التي لا تغضب المحافظين او تلزم الدولة باي مجهود فجاءت اعادة تدويرهم لمرات.
الاخوة الذين خبروا المسؤولية العامة في مواقع وزارية ونيابية ومواقع الدولة والمؤسسات غير الرسمية والنشطاء والنساء اللواتي كان لهن ادوار في العمل العام وقيادة المجتمع المحلي كن حاضرات هذا المساء...
.. لاكثر من ثلاث ساعات امتد حوار معمق حول الامل والهم والوجع والحلم الذي نشترك جميعا به مع الوطن.
لم يكن بنيتي ان احاضر فانا لا اظن انني ساقول شيئا قد لا يعرفه الحضور.. فجلهم يعرف المشهد الاردني وخبر تقلباته واستمع الى كل الادبيات التي اصبح لها فرسانها.. فقد استقبل الاهل في جرش العديد من اهل الرأي والاختصاص والاهتمام من المشتغلين بالهم العام.
لذا فقد اتفقت مع صديقنا الذي يرأس ملتقى جرش الثقافي وتطوع لادارة اللقاء بان يكون لقاؤنا حواريا نتحدث فيه عن تطلعاتنا وهمنا ومساعينا ونجاحاتنا واخفاقاتنا في اطار من الاحترام والتسليم بان الجميع يفكر ويعمل لخدمة الصالح العام... مؤكدين ان حالنا كحال الشاعر الذي كتب الكلمات التي غناها محمد عبدة وتقول " واختلفنا من يحب الصالح العام فينا اكثر...واتفقنا انه انت اكثر وانا اكثر"...فالجميع يتمنى ان يكون بلدنا زينة البلدان ولكن ليس على طريقة المحتكرين لحبه المزعوم وقراراته وخيراته....والتشكيك في نوايا كل من يتحدث بالشأن العام على اعتبار انه حكر لهم ولابائهم وذرياتهم.
تحدثنا عن سرعة وتيرة التغيير الذي اعاق التنمية..وعن تبدل التشريعات.. والقفز عن التشريعات الاصلاحية...واحالة المهام المتعلقة بالتخطيط للاصلاح وادارته لشخصيات لا تؤمن بوجود حاجة لحدوثه...وسأل الحضور عن اسباب اعاقة التغيير وغياب التنمية الحقيقية... وعدم انسجام البرامج الحكومية مع ما يدعو له الملك علنا.....وادوار النواب في اعاقة الاصلاح وغيرها من القضايا التي لم يمل الحضور من تفصيلاتها.
اشعرني الحضور وكأني في قاعة سيمنار في معهد للبحوث الاستراتيجية وتمنيت لو ان السيمنار يتكرر في كل محافظاتنا.. وتدون محاضر اللقاءات ليطلع عليها صناع القرارات في بلادنا..
شكرا لاهلنا في جرش على فرصة اللقاء بهم... وعلى منحي فرصة الاستزادة من حبهم ووطنيتهم وارائهم.. والشكر موصول لحزب الوسط الاسلامي وملتقى جرش الثقافي اللذين وفرا فرصة اللقاء.