نريده أردنا وطنيا ديمقراطيا
جهاد المنسي
25-05-2014 02:48 AM
"إذا عطشتِ وكان الماء ممتنعا... فلتشربي من دماء الزند يا بلدي... وإذا سقطتُ على درب الفدا قطعا... أوصيك أوصيك بالأردن يا ولدي".
هو أردننا الذي نحب، أردننا الذي كبرنا بين جناحيه وترعرعنا، الأردن الذي نغمض عليه حدقات العين، ونرعاه لأننا نريده أقوى وأمتن وأكثر صلابة، وقوة ومنعة.
هو أردننا الذي نشدو له كل صباح ونقول بصوت واحد "أردن أرض العزم أغنية الظبا..... نبت السيوف وحد سيفك ما نبا"، هو الأردن الذي عشقناه وجعلناه سيمفونية احلامنا التي نريد تطويرها دوما.
ولاننا نحبه، ونهواه عشقناه، لذا نريده متفردا عما سواه، أقوى في محيطه، أشد شكيمة بعزيمة ابنائه، صاعدا باتجاه الإصلاح الحقيقي مبتعدا عن كل حفرة أو مطب وعن كل شدّ عكسي.
ولأننا نعرف أن الوطن أنا وأنت، وليس إما أنا أو أنت، نريده وطنا للجميع يحافظ على كل فسيفسائه، تسوده دولة القانون والعدالة الاجتماعية والمساواة، والمواطنة، ويعززه فكر العلم والتعلم والسؤدد.
نتوقف اليوم ونحن نضيء الشمعة الـ68 من استقلال بلدنا الغالي، لنجدد العزم على حماية الاستقلال، وتعزيز مضامينه، وأهدافه ووسائله، وهذا لا يحصل إلا من خلال تمتين وتعزيز دولة المؤسسات والقانون، والذهاب نحو الديمقراطية والإصلاح بلا خوف ولا وجل، وبلا تردد، فبالديمقراطية والإصلاح الحقيقي يتعزز الاستقلال ونتقدم به للأمام، ونبني وطنا يتسع للجميع بلا استثناء.
ولأننا نريد بلدنا دولة نباهي بها الدول، فإننا نريد أن نراها دولة العلم والمعرفة، تتعزز بين جنباتها أركان الدولة المدنية التي تحمي جميع أبنائها وتوفر لهم عيشا كريما، وعملا شريفا.
ولانه الأردن، ولاننا أحببناه، وعشقناه نريد أن يشعر الجميع بعدالته، بحيث لا تكون العدالة مجرد شعار، وإنما شعور، ولهذا نريد لذاك الذي يكد يوميا في القويرة والصافي، وأم الجمال، والمدورة، أن يشعر أنه يحصل على حقوقه كما يحصل عليها ابن إربد والسلط وعمان والكرك، وأن يلمس ذاك الذي يقطن الشونة الشمالية أو الجفر أو كريّمة أو إرحاب أن لا ضيم سيلحقه وإنْ ابتعدت المسافات.
نعم... في الاستقلال نريد أردننا أقوى، وأن يكون الإصلاح هدفا دائما وليس شعارا آنيا يأتي ويذهب حسب الظروف والمنحنيات، وأن نعزز دولة المؤسسات من خلال المحافظة على المؤسسات التشريعية والرقابية ونطور أدائها، ولا ضير بأن نقوّمها إنْ وجب الأمر.
في الاستقلال لا ضير أن نقول إننا نريد قانون انتخاب مختلفا يحافظ على فسيفساء البلاد، ويحفظ حق الجميع، ويعزز دور الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، وقانون بلديات يؤسس للامركزية المنشودة، وقانون مطبوعات يؤمّن حرية الرأي والتفكير والكتابة، وقانون ضريبة عادلا يحمي الجميع، وقانون جامعات يلغي الاستثناءات وغيرها، وقانون أحوال شخصية يعزز دور المرأة ويخرجها من عباءة الوصاية والتبعية، ويضعها كتفا بكتف مع الرجل.
في الاستقلال نريد أن يكون الأردن كل الأردن هو السيد المطاع، وأن نحيّد العصبيات القبلية والجهوية جانبا، لنذهب معا لبناء أردن الغد الذي نريده مستقرا لنا ولأبنائنا، وأمنا وأمانا لأحفادنا، وأن نبعد عنه كل الشرور، من خلال وحدة داخلية وسياج حدودي يصعب اختراقه.
في الاستقلال... ونحن نرى ما يحل بمحيطنا وجوارنا، دعونا نجدد العزم ونشد الهمة، ونتكاتف جميعا لبناء الأردن الذي نريد، الذي تسوده روح الوحدة، ويعززه فكر الحوار البنّاء، واختلاف وجهات النظر لصالح الوطن ومنجزاته، ونبني معا دولتنا المدنية، ونبعد عن بلادنا الأفكار الظلامية المتشددة التي تريد جذبنا للوراء.
ولأننا نحب الأردن، ولأنه عشقنا، ولأنه الزند الذي نغفو عليه عندما تشتد المحن، ولأنه مستقر أحلامنا؛ فأننا نريده منارة لكل الدول، ولهذا نريده أردنا، حرا وطنيا ديمقراطيا.
(الغد)