الأردن الذي نريد * بارق محادين
mohammad
24-05-2014 07:26 PM
بارق محادين *
إلى الأردن الذي أهوى، إلى الوطن الذي أشتاق، إلى المستقبل الذي أطمح؛ أنثر هذه الكلمات:
بلا شك، في مناسبة كهذه المناسبة، عيد استقلال الوطن، يستوجب علينا جميعا أن نقف على ما تم بنائه من إنجاز وعلى ما تم تحقيقه من نجاحات وتقدم. ولكن، على ذات القدر من الواجب، حري بنا كأردنيين محبين لهذا الوطن ومخلصين لترابه، ان نقف على الذي لم ينجز بعد، والذي لم يتحقق او يتقدم.
بحجم هذا الوطن، أفخر بما وصل إليه الأردن من مكانة دولية مرموقة، وبما يحظى به من علاقات دبلوماسية مميزة، سواء كانت مع الصين، روسيا، الولايات المتحدة، او مع العالم ككل. أفخر أيضاً بجودة التعليم المقدم، وبعدد الطلاب الأجانب في جامعات المملكة، كما أفخر ايضاً بالرعاية الصحية المتقدمة التي تستقطب اخوة وأشقاء من جميع الأقطار العربية. أزداد فخراً برسالة عمان التي تنشر رسالة الإسلام السمحة، وبالكنائس التي دقت أجراسها ذات مرة لتعلن الإفطار في رمضان بعد أن تعطلت سماعات احدى المساجد. ولا أنسى أبدا وقفة الرجل الواحد التي وقفها الأردنيون يوم تعرضت تلك الأنثى المدللة، عمان، إلى هجوم إرهابي بشع استهدف أمنها واستقرارها.
أستحضر ايضاً، وكلها أمثلة ومواقف على سبيل المثال لا الحصر، سجل الأردن السياسي، الذي يخلوا من الدموية والإستقصاء والإستهداف العشوائي؛ ففي أوج الربيع العربي، لم تسقط نقطة دم أردنية واحدة، وفي أوج الإعتقالات السياسية والسجن السياسي والإعدام السياسي في الدول العربية المجاورة، كانت المعارضة الأردنية جزءاً فعال في الحكومة والبرلمان وفي كل أركان الدولة.
نعم، أنا معجب، كما كل الأردنيين، بعاداتنا العربية الأصيلة، بالقيم والرجولة والنخوة التي نستمدها كشعب من إرث حضارتنا وبدويتنا العريقة. كما أنني متيم بالتاريخ الذي يسكن قلعة الكرك، والجمال الذي تنثره جبال عجلون، متيم بزرقة مياه العقبة وبنية رمال صحراء وادي رم. من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، ممتن لكل عين سهرت على حماية حدودنا، ولكل مركبة تحركت من أجل أمن مواطنينا، ولكل بذلة عسكرية طُرزت من أهداب الرجولة. كما أنني اليوم عاشق لكل نشمية سهرت من أجل ابنائها، وضحت من أجل وطنها، وبذلت في سبيل رفعة هذا الوطن الغالي والنفيس.
ولكن، بصدق كل ما أسلفت، لا أملك إلا ان انتفض في كل مرة اسمع فيها عن حياة فتاة بريئة تسلب، وعن روح طالب مجتهد تؤخذ، وعن شباب لا يتعلم بسبب انعدام الفرص، اوعن أطفال تعاني بصمت لنقص الدواء او الغذاء.
أشفق كثيراً على مسنٍ أمضى سنوات حياته كاملة يكافح ويناضل ويشقى، لكنه لم ينصف. أغضب عندما أرى العقول النابغة، والأدمغة النيرة تغادر وطننا دون عودة. أخجل عندما اطالع تقارير ومؤشرات دولية تظهر تراجعاً في حرية الإعلام والصحافة في الإردن، وقصوراً في المشاركة السياسية للمرأة، وإنخفاضاً للتنافسية العالمية وإرتفاع لنسبة الفساد وتدني لمستوى المعيشة.
في عيد الإستقلال، بينما نستذكر الإنجازات والتضحيات التي قدمت لبناء هذا الوطن الذي نعتز به، دعوننا لا ننسى ايضاً بأن الأردن الذي نريد جميعاَ، يجب ان يخلو مجتمعه من جرائم الشرف، وجنوبه من التهميش، وشماله من النقص، وشوارعه من قلة التنظيم... وعلى الأردن الذي نريد ان تخلو جامعاته من العنف، ومدارسه من التسيب، وقطاعه الحكومي من الترهل، وبيروقراطيته من عدم الفعالية.
دعونا ونحن نطفئ الشمعة الثامنة والستون لإستقلال الأردن الذي نعشق، ان لا ننسى بأن المواطنة الفعالة والصالحة هي ضمان مستقبل أكثر عدلاً وشفافية، وان لا نقلل من دورنا، كمواطنين فاعلين، في تغير الواقع الذي لا نرغب. لا ينتهي دور المواطن المسؤول في التصويت في الإنتخابات؛ بل إن له دور يزداد أهمية في متابعة عمل البرلمان متابعة حثيثة، والمشاركة في صنع القرار من خلال الضغط على البرلمان لتوجيه وتصحيح عمل الحكومة، ومن ثم التصويت بمسؤولية في الدورات الإنتخابية التي تلي بشكل يؤكد محاسبة كل من لم يعمل ولم يتابع ولم يؤدي واجبه.
في كل أردني منا مشروع نجاح ونواة إصلاح، ولكن، لا يمكننا السير بوطننا نحو مزيد من الإستقرار والإزدهار دون أن نعي اولاً بأن على كل منا مسؤولية، ولكل منا دور في دفع عجلة الإصلاح نحو المقدمة. في هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، أذكر بأن من بنى الأردن وشيد انجازاته هم نشامى ونشميات غاروا على المصلحة العامة، وخافوا على المال العام وأمنوا بالأردن، كل الأردن...
كل عام وأنتم والأردن عزوة وفخر؛ حمى الله وطننا مستقراً قوياً بقيادته وشعبه وأرضه
*طالب علوم سياسية وشؤون دولية في الجامعة اللبنانية الأمريكية