ان من أهم أهداف تدخل الدولة بالاقتصاد هو التوزيع العادل لأبناء الشعب.
لكن هذا التوزيع يكاد يضيق ويتسع فيشمل أشياء ويغفل أشياء أخرى.
الحاجات الرئيسية للسكان هي المأكل والملبس والمأوى, فما على الدولة الا ان تضع في نصب أعينها هذه الاساسيات ,فيجب ان تعمل على توفير السكن لكل مواطن بأسعار في متناول الجميع , ولا يمكن تأمين السكن دون توفير المواصلات والاتصالات والطرق والبنى التحتية , حتى يصل المواطن لسكناه ويعيش براحة , ويستطيع ان يؤمن الحاجات الأخرى له من مأكل وملبس مناسبين , وتهيأ له أسباب التعليم بعدالة بين الجميع.
وبعد هذا لابد ان يتوفر له العمل حتى يستطيع العيش بكرامة ويستطيع تقديم ضريبته لأمته ووطنه.
لا تعني العدالة والمساواة أن نجرد الأغنياء من أموالهم ونوزعها على الفقراء ,ولكن يستطيع الغني ان يساهم بدعم الفقير من خلال مؤسسات المجتمع المدني لعمل الخير والتكافل الأجتماعي.
يجب مكافحة توريث الأوضاع غير المتكافئة الموجودة في المجتمع , بحيث لا يصبح توريث الفقر والجهل والتهميش أمرا حتميا أو شبه حتمي , وهذا ما يعرف عادة بضمان تكافئ الفرص , أي ضمان حصول كل مواطن على فرصة متكافئة للتعلم والنمو والترقي .
لكن تكافؤ الفرص عادة ما يكون شكليا , فأبناء الموسرين وأصحاب النفوذ لديهم فرصة أكبر_- في المجتمعات – لتلقي تعليم أفضل من أبناء الفقراء والمحرومين والضعفاء.
هؤلاء يتلقون دوما تعليما أقل جودة , ويمرون بظروف أسرية ومعيشية أصعب وغالبا ينتهي بهم الأمر في أدنى السلم الأقتصادي والأجتماعي .
الفقر يورث مثلما الغنى والنفوذ , ليس من خلال المواريث الشرعية فحسب , بل أساسا من خلال الظروف المحيطة التي تخدم الموسرين والأقوياء , وتحول بين الفقراء والخروج من فقرهم .
هذا التوريث للظروف الاجتماعية ظلم بين, وكلما ارتفع معدله في المجتمعات وصمناها بانها ظالمة .
لا بد من كسر حصار توريث الاختلال بين المجموعات الاجتماعية المختلفة , ومكافحة ميل السوق لخدمة أفراد أو مجموعات بعينها واعطائها ميزات لا تتوفر للاخرين .
مكافحة توريث الظلم الأجتماعي والعمل على تقليص هذا الظلم وكسره , هو جوهر دورالدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية , وتشجيع الاستثمار ودفع عجلة النمو الاقتصادي للامام .
ان الاستثمار الحقيقي في مؤسسات القطاع العام والخاص هو الاستثمار في القوى البشرية والعاملين بها وشؤون الموظفين وهو اقوى استثمار.
المنافسة الحرة الحقيقية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب هو الاساس في تقدم كل مجتمع والتكامل لكل افراده ,مما يؤول الى خلق مجتمع منظم وفعال فيزداد ولاؤه وانتماؤه وشعوره بالمساواة والعدالة الاجتماعية, ويعتبرالتطوير الانساني وفرة من الجدارة والاستقلالية ومزيدا من التفهم الانساني, كما ان الفلسفة المشاركة هي التي تحتوي على مبادئ التنظيم والعلاقات بين الاشخاص.
لهذا فان طبيعة الحياة تستلزم الدراية والخبرة والمعرفة , وتستلزم الاستعداد النفسي والذهني , فضلا عن الشجاعة ,وان نكون محصنين من الداخل لاي من معضلات الحياة وان نكون قادرين على التكيف .
تبدأ مفاصل التغيير من جانبنا الشخصي , ثم تنتشر هذه العملية بسبب تبدل الزمن وتغير الاوقات.
هذا فان مطالبتنا باستمرار ان نحصل على حقوقنا حتى نبعد الظلم الاجتماعي عنا وحتى نطبق العدالة والديموقراطية على الجميع .