عمون - تعود الذكرى المؤلمة، ذكرى رحيلك يا ولدي يا انس يرحمك الله، تعود والقلب لا يزال قد غُصَّ بالأحزان والألم يعتصره، ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله، قال تعالى: (وبشّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبةٌ قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون) الآيتان(١٥٥، ١٥٦) سورة البقرة.

ولدي الدكتور انس يرحمك الله، لا زلت أتذكر الساعة المؤلمة الحزينة التي أُُبلغتُ فيها عن تعرضك للحادث المؤسف الذي أودى بحياتك، الساعة الواحدة بعد ظهر يوم الثلاثاء 22/5/2012م، وكم تمنيت يا ولدي لو أنني أدركتك حياً ولو لدقائق معدودة، كي اسمع صوتك، تكلمني وأكلمك، أعرف ما حدث معك وأسمع وصيتك، ولكن حكمةُ الله تجلت في أن تُقبض روحك الطاهرة مكان الحادث وفي نفس اللحظة، قال تعالى: (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة) الآية (٧٨) سورة النساء.

ولدي الدكتور انس يرحمك الله، مشهد مؤلم وذكرى محزنة، عندما أتذكر يوم رحيلك عن الدنيا - فقد كنتُ حينها بلا وعي- أتذكر آلاف المشيعين والمعزين الذين جاءوا من كل حدب وصوب ليشاركوا في تشييع جنازة الملازم الطبيب انس البطوش، ويقدموا العزاء بوفاته، مشهد مؤثّر وخالد في ذاكرتي حين امتلأت الأرض والطرقات والساحات بآلاف المشيعين والمعزيين الذين حضروا جنازتك وهذا فضل من الله، ثم دليل على انك كنت شاباً محبوباً، مهذباً، طبيباً، إنساناً، مخلصاً في عملك، أحبك الله ثم أحبك الناس.

ولدي الدكتور انس يرحمك الله، مما يؤلمني بل يمزق أحشائي عندما أرى زملاءك الذين يرتدون ثوبك الأبيض، ويفلقُ قلبي عندما أشاهد أصحابك من نفس اختصاصك أو عيادة اختصاصك (الأنف والأذن والحنجرة) .............. ولكن ماذا أقول، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، أدعو لك بالرحمة ولزملائك بالتوفيق وطول العمر، قال تعالى: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) الآية(١٠) سورة الزمر.
ولدي يرحمك الله، الحياة بعدك مريرة قاسية وشائكة بالأحزان، الفرح فيها نادرٌ بل معدوم والألم والحزن ودموع اللوعة والفراق هي الطابع الأعم، حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

ولدي يرحمك الله، لا زلت أدق على أرقام هواتفك الخلوية المخزّنة عندي كي أسمع صوتك وأكلمك ولكن الجواب (رقم الهاتف المطلوب مفصول) الله أكبر ماذا جرى وماذا حصل ؟؟!!

ولدي الدكتور انس يرحمك الله، هنيئاً لك بأمك لسانٌ ذاكرٌ وقلبٌ شاكرٌ، لسانٌ لا ينفكُ عن ذكرك والدعاء لك وذلك بعد ذكر الله تعالى والصلاة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، قلبُ أمّ حنون فُجعت بابنها، وهي صابرة محتسبة، وهنيئاً لك بأخويك وأخواتك الذين يذكرونك، يترحمون عليك، يزورون قبرك ، .............
ولدي يرحمك الله، من لا يشكر الناس لا يشكر الله، فهنيئاً لك بزملاءٍ لك درسوا معك وعملوا معك فلا يزالون يذكرونك ويترحمون عليك ويذرفون الدموع عليك بل ويزورون قبرك باستمرار فجزاهم الله خيراً.
ولدي يرحمك الله، أسأل الله العظيم أن يكتب لك الحسنات ويمحو عنك السيئات بعدد ألوف المشيعين والمعزين وأن يجمعنا وإياك في الفردوس الأعلى في الجنة، وثق يا ولدي أنني مهما كتبت فلن أوفيك حقك فأنت خالد في نفسي خلود الدهر،وصورتك ترافقني أينما كنت، وآه لو كنتََ تُفدى لفديتك بنفسي، فلك الرحمة وجنات الخلد، ثم إلى روحك الطاهرة ثواب الفاتحة.

والدك الذي لن ينساك
نواف البطوش