المسؤولية المجتمعية والأهداف الحقيقية للمبادرات
20-05-2014 10:22 PM
صالح الحموري
انطلاقاً من مبدأ تبني المسؤولية المجتمعية، دأبت مجموعة كبيرة من الشركات، والمؤسسات الحكومية، ومنظمات المجتمع المدني، على اطلاق عدد من المبادرات الاجتماعية والبيئية والصحية والرياضية لتعزيز صورتها كجهة مسؤولة مجتمعياً.
وتتنافس تلك الجهات فيما بينها بأثبات قدرتها على الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الناس من خلال الإعلان، والترويج لهذه المبادرات التي تطلقها، دون الانتباه الى أن بعض الشرائح المعنية باتت تمتلك المعارف الكافية، التي تمكنها من متابعة ما يصدر عن تلك الشركات من تقارير وافصاحات، مما حدا ببعض المجموعات إلى التساؤل عن هدف هذه المبادرات، بمعنى هل تطرح من أجل فعل الخير، أم من أجل تعزيز صورة المؤسسة وسمعتها.
ومن جانب آخر، فإن الجمهور الداخلي "الموظفين" والمطلعين بدورهم على كافة التفاصيل، يستطيعون الحكم من خلال ممارسات المؤسسة الداخلية، على مصداقية مبادراتها المجتمعية، من حيث النية وراء اطلاقها، لتنمية المجتمع وازدهاره، وكنوع من تجذير مفهوم المواطنة الصالحة للشركة، أم أن الهدف يقتصر على تجميل صورتها امام الجماهير، بغية زيادة المبيعات.
وحري بتلك المؤسسات أن لا تستخف بالعقل الجمعي لدى تلك الجماهير، حيث تكون قادرة على التمييز والتحليل واستقراء المقاصد من وراء هذه المبادرات، حيث يبحث هؤلاء عن أفعال تدعم الكلمات، وعن برامج تترجم الشعارات وتكون قابلة للتطبيق على أرض الواقع، والتحقق من أن الالتزام طويل المدى ام انه لفترة بسيطة، ولغايات اعلامية فقط، وخصوصاً عند اعلان المؤسسات عزمها على التصدي لمشكلة مجتمعية كبيرة، حيث ستنتظر الجماهير الآثار الملموسة لتلك المبادرات على أرض الواقع، وتأثيرها المجدي في حياة الناس.
لذا، فإنني أنصح الشركات والمؤسسات بضرورة التريث قبل إطلاق المبادرات المجتمعية المختلفة، ووضع أسس ومعايير لاختيارها، بحيث تكون مبنية على أسس واضحة، وخطط مجدولة زمنياً، مع بيان طرق التنفيذ، ووضع مجموعة من المؤشرات لضمان فاعلية الأداء، والاعلان عن النتائج المتحققة في فترات زمنية محددة مسبقة، بالاضافة إلى التأكيد على أهمية المتابعة والتقييم بشكل دوري، بغية قياس الأداء وإجراء التصحيحات اللازمة، للتأكد من الفاعلية النهائية للتنفيذ. كما يجب التأكيد على أهمية التسويق الصادق المرتبط بالمبادرات المجتمعية، وإيصالها للمعنييين.
إن عدم وجود النية الصادقة لدى المؤسسة عند إطلاق مبادراتها المجتمعية يؤدي إلى إصابة المؤسسة بازدواجية الشخصية، وفقدانها لثقة عملائها وموظفيها بمصداقيتها، مما يؤثر سلباً على نجاحها ومبيعاتها.
صالح سليم الحموري
خبير ومستشار في التميز والمسؤولية المجتمعية للمؤسسات