في ذكرى النكبة ارهاصات وتداعيات
د. محمد المناصير
20-05-2014 01:41 PM
- حلت علينا الذكرى السادسة والستون لما اصطلح عليه نكبة فلسطين التي وقعت في عام 1948، والتي لا تقل بشاعة عن مأساةً عن وعد بلفور عام 1917، أو عن إتفاق سايكس- بيكو 1916، ولا عن نكسة عام 1967، ولا عن اجتياح لبنان عام 1982 وارتكاب مجزرتي صبرا وشاتيلا .
- فالنكبة شكلت حدّاً فاصلاً بين تصاعد "مشروع" إحتلال بلد عربي هو فلسطين، والعمل على تمزيق بقية البلدان الأخرى، وبين خسائر وانكسارات وهزائم وتراجعات في بلدان عربية أخرى.
- فقد شهد النصف الثاني من القرن العشرين واحدة من أسوأ فترات تاريخها على الإطلاق وشهدت بداية القرن الحادي والعشرين موجة الربيع العربي فضاعت قضية فلسطين في خضم الربيع الدامي وبقي اهلها يصارعون المحتل لوحدهم .
- فموجات الربيع العربي أدت إلى تراجع القضية الفلسطينية إلى الوراء، فضاعت قضية العرب الأولى في دهاليز الربيع العربي، إذ بات لكل بلد ومواطن عربي قضية لا تعنيه سواها، وسط خواء سياسي وقومي وفكري ينذر بأن الأيام المقبلة لن تكون أفضل من سابقاتها.
- والقصة من البداية ان تمكنت مجموعة مجموعة مرتزقة جمعت تحت شعار إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، تمكنت من احتلال فلسطين ، في سابقة لم يعرفها التاريخ من قبل، قضت بطرد شعب كامل من أرضه، تحت حجة إعطاء أرضه إلى شعب بزعم ان له حقاً تاريخياً بهذه الأرض حسب زعمه.
- وفي قراءة في تاريخ النكبة نجد انه خلال الثمانينات من القرن التاسع عشر وما بعدها، تأزمت حالة المجتمعات اليهودية في أوروبا، ونمت الإيديولوجية القومية في أوروبا (التي بلغت ذروتها عند "ربيع الشعوب عام 1848) وادى ذلك إلى بلورة الصهيونية، وهي إحدى الحركات القومية اليهودية المقامة آنذاك. وقد حددت الحركة الصهيونية منذ نشوئها هدفا لها جمع جميع اليهود في بلاد واحد تصير موقع دولة يهودية، وفضلت "إيرتس يسرائيل" (أي فلسطين) كالبلاد حيث تقام هذه الدولة اليهودية لاعتبارها الوطن اليهود الأزلي.
- نشأت الصهيونية في فترة تعزز فيها التأثير الأوروبي في الشرق الأوسط وعملت تلك الدول على الاعداد لنكبة فلسطين ، حيث استولت بريطانيا على مصر ووسعت حدودها وجعلتها جزء من الإمبراطورية البريطانية .
- وأقامت عدد من الحكومات الأوروبية مندوبيات وقنصليات في فلسطين الخاضعة للسلطة العثمانية. وربطت تلك الحكومات فلسطين بالشعب اليهودي، كما يتبين من خطاب نابليون بونابرت في نيسان عام 1799 عندما حاصر جيشه مدينة عكا.
- وعمل وعد بلفور الصادر من قبل حكومة بريطانيا في نوفمبر 1917 على تكريس احتلال الارض ووهبها للصهيونية تحت حراب حكومة الانتداب البريطاني .
- لقد تاكدت النوايا السرية التي تضمرها بريطانيا في مراسلات الحسين مكماهون1915 ، التي قال فيها المندوب البريطاني هنري مكماهون عن منطقة فلسطين أنه : (لا يمكن أن يقال أنها عربية محضة) ، في حين اتفق مع الشريف الحسين على اقامة دولة عربية في كامل الشرق العربي ومن ضمنها فلسطين يقطنها اليهود القدامى مع العرب ضمن الدولة العربية الموحدة .
- الا ان اتفاق سايكس بيكوعام 1916 ووعد بلفورعام 1917 قوضا الحلم العربي باقامة االدولة العربية قبل ان تقوم ، واعطاء فلسطين وطنا قوميا لليهود القادمين من كافة ارجاء العالم كلهم من دول وجنسيات لا تمت ايهود فلسطين بصلة .
- وعندما احتج الشريف الحسين بعد انتهاء الحرب ، على خيانة الحلفاء وتخليهم عن وعودهم وعهودهم ، فقد ملكه في الحجاز ، وفقد الشرق العربي الذي حرره جيش الثورة العربية الكبرى ، فقد ارسلت بريطانيا حليفها في الحرب قائد الثورة العربية الكبرى الشريف الحسين بن علي منفيا الى قبرص ، لانه قال في تصريح له عام 1919 :" (لا اقبل ان تكون فلسطين والقدس الا لاهلها العرب، ولا اقبل بالتجزئة ، ولا اقبل الانتداب ، ولا اسكت وفي عروقي دم عربي عن مطالبة الحكومة البريطانية بالعهود التي قطعتها للعرب ، فالعهود ان تكون الارض اسلامية والمقدسات للعرب والمسلمين). وقد اكد هذا الحق الملك المؤسس عبد الله بن الحسين الذي تمكن جيشه العربي من الحفاظ على عروبة اجزاء واسعة من فلسطين ، ولا ننسى جهد الحسين بن طلال الذي اكد على عروبة القدس حين قال : (القدس قدسنا وستبقى لنا ولن نفرد بذرة من ترابها الطهور ) . وها هو الشبل الهاشمي الملك عبد الله الثاني يؤكد على حق العودة وقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس ، ورعاية المقدسات الاسلامية .
- ولذا كانت النكبة نكبة امة وليست نكبة شعب فقط، منذ ان بدأت الحكومات الأوروبية تشجع الهجرة اليهودية إلى فلسطين التي بدأت تتكثف منذ ثمانيات القرن ال19 إثر دعوة الحركة الصهيونية، والتي أدت إلى تأسيس تجمعات يهودية جديدة في فلسطين، خاصة في منطقة السهل الساحلي، حول القدس وفي مرج بن عامر. وزادت الهجرات وتضاعفت اعداد اليهود في ظل حكومة بريطانيا الكبرى وصدر قرار التقسيم عام 1947 ليؤكد على قيام دولة اسرائيل على ارض فلسطين .
- وقامت دولة الكيان الصهيوني على الارض الفلسطينية الممزقة التي بدأت العصابات الصهيونية تعد العدة لقيامها فور اعلان انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين ، ودخلت الجيوش العربية في محاولة لانقاذ فلسطين ، وتمكن العرب من ابقاء الضفة الغربية والقدس وغزة عربية فلسطينية ، وجاءت مأساة 1967 لتؤكد على تنفيذ كل وعود الغرب الاسرائيل ، والبقية تعرفونها من حرب وسلام وصراع لا يزال مستمرا الى اليوم وخطة صهيونية لا تزال تنفذ لتهويد فلسطين والعين على خارج حدود فلسطين من النيل الى الفرات .
- تحية للشعب الفلسطيني المتجذر في ارضة وتحية لمن يحملون سلاح المقاومة المسلحة وسلاح الكلمة التي قد تكون اقوى من الرصاصة ، وتحية الى شعب لا يمكن ان يتنازل عن شبر واحد من ارض فلسطين .