لماذا يختلف رئيس الحكومة الأردنية مع رئيسة صندوق النقد الدولي ، طالما أن الأول يصف الصندوق بأنه كالطبيب ، ورئيسة الصندوق تصف سياسات الحكومة بأنها حصيفة ، وأن الاردن جاد في تطبيق برنامج الإصلاح.
رئيس الحكومة يريد التركيز على النمـو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية ، ربما لتبرير عدم النجاح في مجالات أخرى مثل عجز الموازنة وارتفاع المديونية. ورئيسة الصندوق تركز على اولوية علاج العجز والمديونية ، ربما لتبرير تدني معدل النمو الاقتصادي بالرغم من الالتزام بالبرنامج.
الخلاف إذن على الاولويات ، فلا خلاف على الأهداف العامة: النمو الاقتصادي ، عدالة التوزيع ، تخفيض العجز ، والسيطرة على المديونية. وقد اختار كل من الجانبين أن يعطي الأولوية لأهداف قبل غيرها.
صحيح أن الرئيس سجل لنفسه نقطة من حيث إبراز استقلالية الحكومة وكونها صاحبة القرار ، ولكن إذا كانت أولوياته هي النمو فلماذا لم يتحقق من النمو سوى 8ر2% ، بالكاد تغطي الزيادة السكانية؟.
وصحيح أيضاً أن للصندوق وجهة نظر في أولوية الضبط المالي ، ومن هنا جاء برنامج الإصلاح لتحقيق هذا الهدف الرقمي ، فإذا كانت هذه أولوية البرنامج ، الذي يقول الصندوق أن الحكومة التزمت به ، فلماذا استمر العجز وارتفعت المديونية في ظل برنامج يهدف إلى العكس تمامأً؟.
هناك قدر من الفشل في الجانبين ، فلا النمو ارتفع كما تريد الحكومة ، ولا العجز والمديونية تراجعا كما يريد الصندوق ، فيلجأ كل من الطرفين إلى تحميل الطرف الآخر مسؤولية الفشل.
إذا صح أن الصندوق كالطبيب كما يقول الرئيس ، فهذا يعني أن الحكومة كالمريض. وفي هذه الحالة فإن على المريض الالتزام بتعليمات الطبيب أو يتحمل النتائج!.
وإذا صح أن الحكومة ملتزمة بالبرنامج كما يقول الصندوق ، فهذا يعني أن البرنامج فشل كما تدل كل المؤشرات موضوع البحث ، فالنمو منخفض ، والعجز المالي مرتفع ، والمديونية في تصاعد ، والعدالة الاجتماعية في خبر كان.
علاقة الإنفاق العام بالتنمية والنمو تتوقف على نوعية الإنفاق. وفي حالتنا تزيد النفقات المتكررة التي لا تسبب النمو عن كل الإيرادات المحلية وقسم هام من المنح والقروض التي كان يجب أن تتوجه لتمويل التنمية.
عدم المؤاخذة: لا الحكومة حققت النمو ولا برنامج الصندوق حقق الضبط المالي!!.
(الرأي)