رخصة الكهرباء: في التسرع ندامة
جمانة غنيمات
20-05-2014 02:48 AM
غدا تنتهي الرخصة المؤقتة لشركة الكهرباء الأردنية، التي كانت مدتها 18 شهرا؛ حيث بدأت بعد أن انتهى امتياز الشركة الذي استمر مدة 50 عاما.
المتوقع، بحسب التسريبات، أن تتخذ الحكومة قرارا يوم غد وخلال اجتماع مجلس الوزراء، بتجديد الرخصة مدة عشرين عاما مقابل 65 مليونا تقسطها الشركة على مدى 15 عاما.
فكرة التجديد للشركة مدة عقدين من الزمان جديدة وطارئة، ولم تفكر بها الحكومة إلا خلال الأسبوع الماضي فقط، أي أن القرار اتخذ على عجالة، ودون دراسة مستفيضة تراعي مختلف القضايا، التوجه المفاجئ جاء بعد أن كانت النية تذهب باتجاه تجديد رخصة الشركة مدة عام، يتم خلاله حسم كثير من القضايا العالقة.
الظاهر أن الحكومة لا تدرك أبعاد مثل هذه الخطوة، ولم تحسب كلف التسرع، التي يمكن أن تتحول مستقبلا إلى ملف يخضع للمساءلة والمحاسبة، خصوصا أن النية تتجه لتجاهل مجلس النواب، وعدم تمرير إقرار الرخصة عليه، رغم أنها لا تختلف عن أي امتياز آخر، والذي يفرض الدستور أن يقرّ من قبل مجلس الأمة.
الخطير أن الحكومة وضعت نفسها في مساحة ضيقة، وتفكر بالتجديد للشركة هذه المدة الطويلة، قبل أن تضع بنودا تضمن حقوق الخزينة والمستهلكين؛ إذ ما تزال الذاكرة ممتلئة بالأخطاء الفادحة التي ارتُكبت من قبل الشركة خلال عاصفة اليكسا، وحركت الحكومة نفسها قضايا ضد الشركة، ما تزال منظورة أمام القضاء.
أهم النقاط التي يلزم حسمها قبل التجديد التأكد من أن قيمة الترخيص، المقدرة بحوالي 65 مليون دينار، عادلة، وهل من المجدي تقسيطها بدل دفعها نقدا أو إجراء مقاصّة مع الشركة يتم من خلالها خصم الديون المستحقة على الحكومة للشركة والمقدرة بنحو 50 مليون دينار، وإيجاد معادلة عادلة لتسديد باقي قيمة الترخيص نقدا أو بالتقسيط.
المستشار المالي لرخصة التمديد، قال في تقريره إن الرخصة لا تساوي شيئا، وهي مسألة يطعن فيها خبراء يعتقدون أن بالإمكان بيع الرخصة بقيمة 100 مليون دينار، وهذا الجدل بحاجة إلى رد علمي ومالي يكشف القيمة الحقيقية للرخصة، بدلا من أن تبقى الشبهات تحوم حول القصة، سيما أن هناك روايات عن ضغوطات تُمارس على الحكومة لتوقيع الاتفاقية، دون أدنى مراعاة لحقوق الخزينة والمستهلكين.
الرأي القائل بأن الرخصة تستحق أكثر من القيمة المقررة، يعتمد على أن قطاع الكهرباء حيوي وسوق لا يتوقف استهلاكها؛ حيث ينمو الطلب بمعدل 5.7 % سنويا، ما يعني أن الاستثمار فيه سيبقى مجديا ومفيدا.
المسألة الأخرى، تتعلق بمصادر الدخل الأخرى التي تحققها الشركة من بنود أخرى غير بيع الكهرباء، ومنها مثلا شبكة الألياف الضوئية المستخدمة في الانترنت وغيره، وكم حصة الحكومة من هذه العوائد، إضافة إلى حسم مصير أمانات الاشتراك وأمانات فلس الريف، فهذه حقوق للناس ولا يجوز التفريط فيها.
البنية التحتية، وهي بمئات الملايين، لمن ستؤول؟، خصوصا أن تجربة خصخصة شركات توزيع الكهرباء في الماضي لم تكن مثالية، فلماذا تريد حكومة النسور تكرار الخطأ بشكل مضاعف، مع إغفالها لضرورة عرض الاتفاق على مجلس النواب، درءا للشبهات؟
من الأفضل للحكومة التأنّي، بدلا من الوقوع في الخطأ الذي ستحاسب عليه مستقبلا، وأن تتقي الشبهات، كما يقال.
الحل بتجديد الرخصة مدة عام فقط للشركة، يتم خلاله التوصل لاتفاق حول جميع القضايا الخلافية، وتمر الاتفاقية بجميع مراحلها القانونية والدستورية، خصوصا أن ما يجري اليوم ينطوي على مخالفات صارخة لقانون الكهرباء العامّ المؤقت رقم 64.
الأجدر والمفيد أن تعدل الاتفاقية بما يخدم مصالح الدولة والخزينة، ويحفظ حقوق المستهلكين.
(الغد)