تقاطع الخطاب السياسي اللبناني .. ومعالم الخريطة السياسية
جودت مناع/ لندن
27-12-2006 02:00 AM
النزاع على السلطة في لبنان أخذ مؤخراً منحى مغايراً، حين اتسع قلب بيروت لأكبر تجمع شعبي للمطالبة باستقالة فؤاد السنيورة.
وفي هذه المرحلة المهمة من حياة اللبنانيين ففقد أكد المتحدث باسم المعارضة، العماد مشيل عون، أمام الحشد الكبير على أن الاحتجاجات المرتقبة بجوار مقر الحكومة اللبنانية سيكون سلمياً وفقا لما خطط له والاستمرار بالاحتجاج حتى سقوط الحكومة.في حين رفض السنيورة رفضا قاطعاً مطالبة المعارضة له بالاستقالة وتمسك بخيار الرجوع إلى البرلمان للتصويت على شرعيتها.
كلمة عون أظهرت تبايناً واضحاً بين كلا الخطابين الحكومي والمعارض. فالمعارضة تحرص على تماسك الوضع الداخلي المتمثل في وحدة لبنان والقرار الوطني المستقل ومواجهة التحديات التي أعقبت العدوان الإسرائيلي في تموز الماضي وتداعياته. لذلك تركن في تحركاتها إلى الشعب.
أما الحكومة فعينها على الخارج. فالتمسك بالمحكمة الدولية للتحقيق والكشف عن قتلة رفيق الحريري، ورفض ما تسميه بالوصاية الإيرانية والسورية على لبنان، والالتزام بقرار مجلس الأمن رقم "1701" بما في ذلك الدعم العربي والدولي. وتتسلح بهذا الدعم.
ودفع المشهد اللبناني بحلفاء كلا الفريقين إلى الخروج عن صمتهم. فالولايات المتحدة تبنت وجهة نظر السنيورة بأن ما يحدث انقلاباً ، خططت له سوريا وواشنطن، وهو الوصف الذي لم تستخدمه أثناء التغيير في أوروبا الشرقية أما السعودية فأعربت عن دعمها الواضح لحكومة السنيورة.
لكن هذا الدعم الفاضح لم يلقى مثيله في سوريا وإيران اللتان قضمتا غضبهما على سياسة واشنطن في الشرق الأوسط. واقتصر الدعم على وسائل الإعلام.
وبين ثنايا المواقف المتقاطعة برزت مواقف معتدلة ومتريثة. فمثلاً دعا الأردن اللبنانيين إلى الوحدة الوطنية فيما بينهم. أما فرنسا فقد حضت حزب الله على الإعتدال.
وفي تطور فاجا المراقبون فقد نأى حزب الله بنفسه هذه المرة عن قيادة دفة المعارضة رغم اتساع قاعدته الشعبية فعهد إلى مشيل عون ليلقي كلمة المعارضة في المظاهرة. وهي خطوة تهدف إلى رفع الغطاء الطائفي عن الصراع وتعزيز موقف عون بين أنصاره المسيحيين.
واتسم خطاب عون المقتضب بالاعتدال حين قال أننا لن نخلع أحد ولا نتعطش إلى السلطة عربا عن استغرابه بختباء الحكومة في السرايا خلف السياج والحماية المكثفة.
غير أن تحالف الرابع من آذار استخدم في خطابه السياسي مصطلحات قاسية حين اعتبر تجمعه الأخير حقيقة والمعارضة وهماً. كما وذهب جعجع إلى أبعد من ذلك حين قال إذا فرضت علينا جولة فنحن جاهزون لمئة جولة". أما وليد جنبلاط فلم يكف عن كيل الاتهامات لسوريا وإيران والكشف عن أن الشاحنات لم تتوقف عن نقل الأسلحة لحزب الله" رغم استخدامها في صد العدوان الإسرائيلي وهذه مسألة خطيرة تهدد أمن لبنان.
بين تمسك الحكومة بالسلطة وتحرك المعارضة للإطاحة بها، بدأت تظهر معالم جديدة على الخارطة السياسة اللبنانية من أهمها التأكيد على أن الصراع سياسياً وليس طائفيا ذلك يأتي مغايراً لما تروج له واشنطن لتكريس واقع ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد. وتعرف لبنان البلد الصغير جغرافياً على ذاته وقيمه العربية والقومية المساندة للمقاومة أكثر من أي وقت مضى.
Jawdat_manna@yahoo.com