الأرثوذكس .. وإبريق الزيت!
طارق مصاروة
19-05-2014 03:07 AM
ما يزال الارثوذكس وكنيستهم على خلاف منذ أكثر من نصف قرن. وخلاصة الخلاف هو أن إدارة الكنيسة في الأردن وفلسطين بقيت باصرار في يد مجموعة يونانية ترفض اشراك أبناء الرعية بأي شأن من شؤونهم. وتحتكر املاك الكنيسة، واوقافها، وتمثيلها سواء في الأردن أو في فلسطين!
وقصة الخلاف الارثوذكسي أكثر تعقيداً مما يعتقد الكثيرون. وتدخل الدولة الأردنية في شأنه خطر جداً. مع أن الكنيسة هي شأن اجتماعي أولاً وآخراً، وأن الدولة هي وحدها المخوّلة بضبطه وفض الخلافات التي تنشأ فيه!
علينا أن نعترف أن المجموعة اليونانية المهيمنة على الكنيسة الارثوذكسية، صاحبة ذكاء وخبث. وهي قادرة على التسلل وراء الكواليس لابطال قانون عام 1958:
- فهذه المجموعة تعرف أن للحكومة الأردنية مساحة محدودة في اتخاذ القرار. كأن لا تصدر إرادة ملكية بتسمية البطريرك. وهي تستطيع إذا اخذت الحكومة موقفاً حازماً بوازي مطالب مواطنين اردنيين (وفلسطينيين) بفك القبضة الإدارية والمالية اليونانية عن الكنيسة ونظامها واموالها واوقافها،.. تستطيع أن تشرعن وجودها عن طريق وزارة الأديان الإسرائيلية!!. فإسرائيل تتمنى خراب العلاقة الكنسية في الأردن، لتمارس ابتلاعها لممتلكات الوقف في القدس القديمة، وما حولها وفي كل مكان من فلسطين!
أبناء الطائفة الارثوذكسية في الأردن وفلسطين يطالبون بالاتفاقية التي وقع عليها اليونان عام 2000. لكن تبين ان التوقيع لم يكن الا ضحكاً على الحكومة وعلى الطائفة معاً للحصول على الموافقة على تعيين بطريرك جديد.. يوناني!!. فلا وجود الآن لمجلس مللي يضم ممثلين عن أبناء الطائفة في فلسطين والأردن. ولا تقبل البطركية تعيين عربي في المراكز المؤثرة في الهيكل الكهنوتي. ولا يشعر السادة «أمراء الكنيسة» من اليونان أن المفروض لمن يتولى رئاسة الكنيسة الوطنية ان يعرف لغتها!
أسماء كريمة من العرب الارثوذكس تعتصم أمام رئاسة الوزراء. ونظن أن رئيس الوزراء محرج مع انه الاجرأ في انفاذ القانون. فهو لا يريد ان يبدو الأردن وكأنه «يضطهد» الكنائس المسيحية. وهو يعرف أن المجموعة اليونانية قادرة على إدارة ظهرها لشرق النهر والاتجاه إلى إسرائيل.. فالمهم عندها استمرار هيمنتها على العرب بالعصا العثمانية التي اعطتها هذه السلطة، لأن «الرومللي» أي اليونان كانت جزءاً من السلطنة.
كانت الكنيسة الارثوذكسية حتى عام 1854 هي الوحيدة في «اورشاليم».. وتضم الأردن وفلسطين وقبرص. ونتيجة لتخلف الكنيسة هذه انفض الكثيرون من المسيحيين عنها الى كنائس تعطي اكثر مما تأخذ: مدارس، ومستشفيات، وكليات تعنى بثقافة رجال الدين.. وبقي اليونان مهيمنين، وكان الكثير من الكهنة بعيدين عن القراءة والكتابة. وتطوّرت كل الكنائس فصار بطاركة العرب منهم، وتغيّرت اللوثرجيات إلى اللغة الوطنية.
تغيّر كل شيء في الكنائس المسيحية الارثوذكسية في كل الوطن العربي، وفي روسيا وبقي يونان القدس يمارسون الاستعمار الأوروبي ذاته على مسيحيي العرب في الأردن وفلسطين!
من المؤسف أن تبقى الكنيسة الارثوذكسية تعيش حالة ابريق الزيت!!. ترتفع تفاعلاتها ثم تعود تنخفض. وقد لاحظنا مؤخرا ان اليونان يلعبون على العشائرية الأردنية، فيعينون من عائلة معينة «مطراناً» ليس له مطرانية لان العائلة الاخرى تقف في وجههم. ومثل هذا اللعب في تفتيت المواطنين الاردنيين يجب ان يدفع الحكومة الى رفع اصبعها في وجه المجموعة المهيمنة اليونانية.
لم تفهم الكنيسة ببناء شيء في الأردن وفلسطين: وكل مدرسة، أو نادٍ ثقافي اجتماعي، أو دار عبادة إلاّ وبناها الأردنيون.. وليس البطريركية. وحتى رسوم زيارة السواح في الأماكن الاثرية الكنسية «يلهفها» اليونان.. كما في كنيسة الفسيفساء في مادبا!! فلماذا يجب ان يركب هؤلاء او بطريركيتهم على ظهور العباد؟؟ ولماذا يتصدرون المحافل الرسمية؟؟. ومن أعطاهم هذه الاقطاعية اليونانية في زمن انتهت فيه الاقطاعيات من العالم كله؟
(الرأي)