التراشق بين قيادات الاخوان المسلمين في الاردن خرج الى السطح،ولا يمكن تبسيط هذه التراشقات،باعتبارها مجرد حوار في الهواء الطلق بين فرقاء،او تقديمها باعتبارها مجرد مناطحة لغوية.
ما بين جماعة الاخوان المسلمين من جهة،وتيار زمزم من جهة اخرى،وما تسرب عن اجتماع القيادات الاخير،لغة جديدة في الاردن،وهي لغة مختلفة على صعيد الكلام بين قيادات الاخوان في الاردن،وهي لغة اتهامية يتم تبادلها علنا،وغير معهودة في إرث الجماعة،ولا في الخطاب بين قياداتها،لغة قائمة على التنابز والانتقاص.
لأول مرة يتسرب الحوار الداخلي السري الى العلن بهذه الطريقة،وهذه التراشقات تقدح في سمعة الجماعة،من شتى الاتجاهات،لان صورة الجماعة بنيت تاريخيا على السرية والتماسك والمرجعية الموحدة.
نرى اليوم حالة مختلفة تماما،لان التراشق بات ممتدا الى الاعلام والى قيادات وفروع المحافظات والقاعدة.
هذا يعني اننا امام واقع جديد في الجماعة،وبرغم ان القيادي زكي بني ارشيد يصف مجموعة زمزم باعتبارها مجرد جيب،في سياق مناكفته لتيار زمزم،وفي إطار إلماحاته ان التيار انقلابي،وسيتم تحرير هذا الجيب،وانهاء مقاومته،الا ان بني ارشيد لا يتنبه بصراحة الى نقطتين مهمتين.
الأولى ان المشكلة اليوم تجاوزت تيار زمزم الى تململ في الاطراف،وتمرد قيادات كثيرة،ولو عبر التعبير عن اراء جائرة،او غاضبة في وجه قيادة الجماعة،ثم خروج هذه التعبيرات الى العلن،وخروجها سوف يؤدي الى التأثير الحاد على سحر الجماعة التاريخي في الاردن،وتأثيرها السياسي،وتماسكها امام الجمهور.
الثانية تقول ان الجماعة اليوم انشغلت عن العناوين الكبيرة تحت وطأة اعتبارات كثيرة،وهي اليوم تلاحق بمعاركها الداخلية،تخوفا من انقسام او انشقاق.
وهذا يعني فعليا ان الجماعة مضطرة هنا للتحوصل لحماية نفسها من الخارج،أمام أخطار الداخل التنظيمي التكوينية،فقد يراد ان تصير الاولوية حماية الداخل التنظيمي فقط.
ما بين كلام تيار زمزم وما تقوله قيادات الجماعة،فان القدح بين الفريقين بدأ يترك اثرا واضحا لا يمكن التقليل منه،وكنا نعتقد سابقا ان فصل الثلاثة لن يكون مؤثرا ولن يختلف عن خروج أي قياديين في وقت سابق من الاخوان المسلمين.
هي ليست مناسبة هنا يتم توظيفها هنا لمهاجمة الجماعة،لكننا نتحدث بصراحة حول ان الكلفة العامة على سمعة الجماعة من هكذا صراعات باتت كلفة كبيرة.
تبسيط هذه الكلفة،امر غير مناسب،واللافت للانتباه هنا ان الذين تم فصلهم لم يغادروا مبسملين مستغفرين،بل تبع فصلهم سلسلة كبيرة من التحركات،وهذا يشي بوجود خط معين ستتم تغذيته من جانب خصوم الجماعة،أو الغاضبين عليها من ابنائها،فالقصة في المحصلة ليست مجرد جيب متمرد على ما يبدو.
يغضب الاسلاميون عند كل نقد،غير ان النقد احيانا يأتي لدوافع غير التي يظنها البعض،وصورة الجماعة باتت تتأثر بشدة تحت وقع هذه القصص من التصريحات والملاسنات والتسريبات والاختلافات وحالة التمرد اللغوي او الفعلي،فوق فصل بعض القيادات.
كل هذا يقول ان الجماعة تتجه تنظيميا نحو واقع غامض للغاية،في ظل سياسة التهوين من كل شيء،وهي سياسة أطاحت بدول قبل الجماعات والتنظيمات،وهكذا سياسة ليست عميقة لأنها لا تقرأ الأخطار والمستجدات جيدا،الا عبر التهوين منها وتصغيرها،وكثيرا ما كانت الحرائق من مستصغر الشرر.
وليعذرنا البعض، فالقصة مجرد رأي ليس أكثر.
(الدستور)