بعد انتكاسة الحريات .. هل يتأهل الاردن لبرنامج المساعدات " تحدي الالفية "؟
سلامه الدرعاوي
06-03-2007 02:00 AM
اصرار النواب على ابقاء عقوبة الحبس على الصحافيين في مشروع قانون المطبوعات والنشر مؤشر واضح, على ان المجلس فقد البوصلة في معرفة مدى خطورة توجهاته على التنمية الاقتصادية رغم التوجيهات العليا لهم باحداث قانون عصري معني بالحريات.المجلس بعناده ودوافع بعض اعضائه الشخصية ومن خلال ابقاء عقوبة الحبس على الصحافيين سيضر بمكانة الاردن في التأهل للحصول على المساعدات الامريكية الاستثنائية الخاصة ببرنامج تحدي الالفية والمقدرة بحوالي 500 مليون دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
السادة النواب لا يعلمون ان مساعدات برنامج تحدي الالفية مرهون بمدى استعجال الحكومة بتطبيق مبادرات الاصلاح المحلية التي تركز على احداث تعديلات هامة في الادارة العامة والحريات المدنية وبالتالي ستتدفق المساعدات في حال تأهل الدولة المشاركة اذا كانت حققت تقدما ملحوظا في مؤشرات الحقوق السياسية والصوت والمساءلة والسياسة التجارية..
ليس غريبا على النواب ان يتخذوا مثل هذه المواقف التي لا تخدم الدبلوماسية الاردنية التي تجوب العالم للحصول على مساعدات لتحسين مستوى معيشة المواطنين, فجزء كبير منهم لا يعلم حيثيات العملية الاقتصادية, ولا يدرك حتى الابعاد الاقتصادية لما يقرّون, والكل يتذكر الضربة الموجعة التي وجهوها لمشاريع قوانين الضريبة والاستثمار والموازنة وغيرها من القوانين التي حرموا المواطنين والبلد من اثارها الايجابية بتعديلات جوهرية غير مدروسة على الاطلاق كما حدث مع اللجنة المالية في المجلس التي اوصت بعدم الموافقة على الموازنة وشطب 75 مليون دينار من النفقات الرأسمالية ليتبين لهم بعد ان نبههم اليها مسؤول بارز بأن المشاريع التي الغوها هي مشاريع تنموية امر الملك باقامتها في المحافظات.
لم تعد الدول المانحة تقدم المساعدات للدول في العالم النامي بناء على مؤشرات التنمية فقط او المواقف السياسية, لكنها ربطت في كثير من الجوانب تلك المساعدات مدى التزام الدول بالسير في برامج اصلاحية تهدف اولا واخيرا الى تعزيز الديمقراطية والحريات في المجتمعات, وهذا ما يؤكد عليه جلالة الملك امام المجتمع الدولي والمانحين ان الاردن مصمم على التقدم ايجابا في الاصلاح على الرغم من الظروف الاقليمية غير المواتية للاصلاح, وبالفعل بدأت الدول تخصص جزءا من مساعداتها للاردن بناء على تقدمه في السير بالاصلاح السياسي, وقد دفع جلالته هذه المسألة قدما عندما اكد ان الانتخابات النيابية والبلدية ستجرى هذا العام في اشارة الى مخالفة للقوى التقليدية بالمجتمع وعلى رأسها السادة النواب الذين ارادوا تأجيل الانتخابات, لا بل ان جلالته لم يأخذ كذلك بالرأي الذي كان يدفع باتجاه حل مجلس النواب على اعتبار انه اصبح " هما وغما" على التنمية وانتقل الى الدور السلبي في عملية التشريع والرقابة, فأي رسالة يسعى النواب الى ايصالها للمجتمع الدولي من خلال النكسة التي احدثوها على الحريات العامة في قانون المطبوعات والنشر?
العيون تتجه الان صوب مجلس الاعيان الذي اثبت انه الكابح لاندفاع النواب, والمنظم للعملية التشريعية, بما انجزه على صعيد قانون الموازنة العامة ورده لمشروع قانون ضريبة الدخل, فالكل يأمل ان يضع السادة الاعيان الظرف الذي يعيشه الاقتصاد الوطني وعلاقة الاردن مع المانحين والالتزامات مع المجتمع الدولي التي للاسف ادار النواب ظهورهم لها, نصب اعينهم وفي اعتباراتهم وان ينسفوا ما قام به النواب في قانون المطبوعات حتى يتأهل الاردن للحصول على المساعدات الخارجية, والا فالتنمية في واد والسلطة التشريعية في واد اخر.