ان يعقدوا لك معاملتك وان لا تمشي وفق الاطر الطبيعية هذا هو الطبيعي في مختلف الدوائر الحكومية وان لا يهتموا بشكواك ان عطل موظف معاملتك هو قمة الاستمتاع لمدير وليس لديه الاستعداد لسماع شكواك مهما كانت فهو لا يمكن ان يستقبل كلامك حتى لو شاهد حالتك.

يوم الخميس الماضي ذهبت لانجاز معاملة في احد مكاتب العمل فوجدت ما لا يقل عن مائة مراجع في فترة ما قبل الساعة التاسعة صباحا وكلهم حائرون امام عدم اهتمام حتى في ادنى درجاته فمن الطبيعي ان لا تجد الموظف الذي يجلس بجانب ماكنة اعطاء الدور لانه يقوم بالتوسط لانهاء معاملة لشخص او سيدة يعنيه امرها.

حتى ان من يعطيك الدور لتتابع معاملتك يجعلك تقف على الدور بانتظار قدومه ان تلطف عليك ويكون معك عشرات المراجعين ينتظرون ذلك الموظف الذي يؤهلك لتراجع معاملتك وبدونه لا يمكن ان تسير المعاملة.

على كل ذهبت للمدير لاخبره ان موظف الدور لا يوجد على مكتبه فلم يتكلم معي وقال لي اذهب للمساعد وذهبت للمساعد الذي قال لي لا تدخل على المكاتب خليك في الصالة وكنت اشاهد المساعد من خلف المكاتب وهو يقوم بمتابعة معاملات بعينها والمئات ينتظرون الامل والفرج من مدير ومساعد وموظفين دون اي التفات لمعاناة الناس.

المصيبة ان ثقافة الوظيفة في الاردن لا تزال تقول، ان المواطن يجب ان «يتمرمط» من قبل الموظف لانه قراره في يد الموظف الذي من المفترض ان ينجز معاملته مع ان الثقافة الحقيقية للوظيفة تقول، ان الموظف ياخذ راتبه من المواطن مقابل انجازه لمعاملات المواطن، ولغاية الان لم تقم الحكومات بتفهيم نفسها بان دورها هو خدمة المواطن في الوطن.

في هذا المكتب قدم وزير العمل مسرعا نتيجة شكوى من سوء معاملة الموظفين وبطء الاجراءات في هذه الدائرة وكانت الساعة تقارب العاشرة عند قدوم الوزير، وما هي الا ساعة واحدة فقط فاذا بالقاعة التي كانت تعج بالمراجعين الذين يقدر عددهم قبل قدوم الوزير باكثر من مائة شخص وقد خلت من المراجعين نتيجة حضور الوزير ولا ادري هل من المفترض ان يحضر الوزير حتى تنجز المعاملات.

الموظف او المدير يدعي انه يخاف من الغلط وعليه ان يدقق المعاملة هكذا يقولون ولكن المشكلة لا تكمن في التدقيق بل في وصول المعاملة الى يد الموظف لانجازها فانت قد تحتاج الى بضع ساعات حتى يقابلك الموظف المعني وبعدها تبدأ ايضا بالتأكيد معاناتك فقد يرفض معاملتك ويطلب منك احضار نواقص فيها فانت قد تضيع يوما كاملا على معاملة قد تكون مكتملة ولكن لمجرد التعذيب يقول لك، ان فيها نواقص وهنا لا اقصد دائرة بعينها فالمشكلة تعني غالبية مؤسسات ووزارات الدولة فالمواطن المراجع يعاني معاناة حقيقية ويتمنى ان يأتي يوم وبالتأكيد سيأتي هذا اليوم لمثل هذا الموظف ليقف موقف المراجع فلا ادري لماذا لا يفكر الموظف او ان يضع الموظف نفسه في موقف المراجع خاصة وان كثيرا من المراجعين يقدرون للموظفين الذين ينجزون المعاملات ويخدمونهم ويدعون لهم فاكسب ايها المدير او الموظف دعوة صاحب حاجة انت من يساعده فيها لتكسب حسنات الدعوات لك بدل ان تكون الدعوات عليك.
(الدستور)