مُزارعو الأرض التي تَشويها الشمس حتى في غروبِها,أقصِدْ الأغوار,الأرض التي أغرَقها الإنهدام الكبير تحت سطح البَحرِ فما اختَنَقَت,بَلْ عاشَت كأمٍ رَؤوم ما أن تَخلّصَت من آلام المَخاض,والإنجاب حتى التَقَطَت وليدَها طَرِيّ اللحم,فألقمَتْهُ ثَدْيَها كي يُعَذّبَهُ بِفمِهِ الشَرِه,الجائع!.
أجَل,وألف أجَل!.
هكذا هُم مُزارعو الأغوار,وتحديداً مُزارعو البندورة الغوريّة الذين ذبحتهُم الأرض السوداء الحارة فأسالَت دَمَهم ليُزْهِر فيما بعد على غصون نَبتةٍ خضراء لِتَلِدَ البندورة!.
ولَعلّ غضبهم الآن ألذي تستهجنه المُدَلّلة عَمّان,له ما ما يُبرّرهُ لأن صَرْخَة عَرَقِهِم الذي تَقَطّرَ مِن جِباهِهم طُوالَ أمَل انتظار القِطافْ,باتَ مَسروقاً,مَنهوباً في وَضَح النهار,و تَسْألون(كَيْف)؟!,تَباً لها (كَيْف) التي لا يسألها سوى مَن يُغْمضُ عينيه عن الحقيقة!!.
إن عُبّوَة البندورة التي يبيعَها المُزارِع ببضعة قروش لا تَسُد ثُقوب يَديه النازفتين,ولا تَمسَح عَرَقَ وَجَنات القاطفات,الصبايا ألمصبوب على تُراب الأرض السوداء العَطشى,باتَ يُباع الكيلو الواحد منها للمواطن في عمّان,والزرقاء,والسلط,وإربد, ومأدبا بما يقّلّ قليلاً عن الدينار,أي أن عُبُوّة البندورة التي (لُطِشَتْ) في الأغوار بقروشٍ معدودة,صارت تُساوي دنانير على موازين الذَهَب لدى البائعين في المُدن التي ذَكَرت!.
السؤال المطروح:أين يَذهَب هذا المال المَنهوب مِن أفواه الأطفال الجوعى في الأغوار؟!.
إسألوا التَماسيح,واسألوا أخطبوطات بحر تِجارة الخضروات في العاصمة عمّان,واسألوا فِئرانَهم القارضة من الوافدين الذين لَقّنوهم فنون البَلْع,والإزدراد,والنَهْش!!!.
حَرام,وألف حَرام!.
أجَل حَرام أن نستَمتِع بعصير البندورة,و(قِلاّيَتها),وضحكتها في أطباق السَلَطَة,والتبولة,بينما العَرَقْ عَصير أجساد مُزارعيها,وقاطِفيها لَمْ يَجِف بعد!!!