تطل علينا الذكرى السادسة والستون للنكبة، ولا زلنا لم نصل إلى معرفة الحقيقة، ولا إلى الظروف التي أنتجت تشريد الشعب العربي الفلسطيني من أرضه.
لقد تعرضت فلسطين منذ القدم لكثير من الغزوات والموجات المتعددة من الوافدين والمهاجرين . وكانت أرضها مسرحاً لكثير من الحروب بين الغزاة وأهلها، ولكنها ظلت أرضاً كنعانية عربية ، صفةً وسيادة . ولم يكن اغتصاب فلسطين ، وخلق" اسرائيل" وتشريد الشعب الفلسطيني ، إلا نتيجة لخطة استعمارية قديمة ، وضعت من قبل الاستعمار العالمي الذي كانت بريطانيا تتزعمه وتمثله آنذاك ، كما كان نتيجة لخطط الحركة الصهيونية العالمية التي سارت جاهدة منذ عام/1882/ نحو تحقيق هدفها بخلق وطن قومي لليهود في فلسطين، ليكون حاجزاً بين عرب المشرق وعرب المغرب، وقاعدة للاستعمار وأداة من أدواته في المنطقة.
يتمثل الخطر الأكبر من إقامة الكيان الصهيوني في أرض فلسطين ، على أنه كيان استيطاني استعماري ، مدعوم من القوى الكبرى التي تقف وراءه، وتقدم له المساعدات السخية الخالية من الشروط والقيود.
كما يتمثل خطر الكيان الصهيوني في سياسة الغموض والأهداف التي لاتزال قائمة ، فلا يعلم أحد خارطة الحدود التي يكون الكيان الصهيوني مستعداً للقبول بها كحدود نهائية محددة. يقول بن غوريون: " كانت المشكلة إما أن تعلن الحدود، أو تعلن الدولة دون تعيين الحدود. وكنت أعارض تعيين الحدود . وأكدت أننا لم نكن ملزمين بتعينيها . إن العرب يشنون حرباً علينا ، فإذا هزمناهم سيصبح الجزء الغربي من الجليل والمنطقة الممتدة على جانبي القدس جزءاً من الدولة. وإذا كانت لدينا القوة لماذا نمنع أنفسنا ؟". كما كشف الصهاينة في أحاديثهم عن فكرتهم الحقيقية عن العرب ، عندما سئل وايزمن عما ينوي عمله بشأن العرب فأجاب :" أيّ عرب "؟!!.
لقد تقرر مصير فلسطين خارج فلسطين، وخارج إرادة الفلسطينيين ، على أيدي حكومات أوروبية وأمريكية في عصبة الأمم في جنيف أولاً ، ثم في الأمم المتحدة في نيويورك.وارتكب العمل العدائي في عصبة الأمم عام /1922/م بقبولها القرارات التي تنص على ربط تصريح بلفور بالانتداب البريطاني على فلسطين ، وارتكب العمل العدائي الثاني في الأمم المتحدة بتبنيها قرار تقسيم فلسطين في تشرين الثاني من العام /1947م/.
لقد ظلت "اسرائيل" منذ إنشائها ، جسماً غريباً في المنطقة ، وبقيت تسبب الاضطراب الواسع وعدم الاستقرار والأمن . وإن ما تظل تواجهه من شعوب المنطقة وتحديداً الشعب الفلسطيني، هو ردة فعل وحيدة: الرفض.
وإن بإمكان العرب احترام أنفسهم ، واكتساب احترام الغير برد الاعتبار لأنفسهم والثأر لكرامتهم بالمواجهة والإعداد لإعادة فلسطين عربية ، واعتبار الوجود الصهيوني إحدى الهجرات التي عبرت ولن تعود.