facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الفراغ الأكاديمي


د.زياد خليل الدغامين
14-05-2014 02:06 PM

على الرغم من أنّ مصطلح "وقت الفراغ" لا وجود له في القاموس الإسلامي، كذلك هو الحال في القاموس العلمي والعمل الأكاديمي، إلا أنه اليوم بات يشكل أزمة حقيقية في المؤسسات الأكاديمية، فالأصل أنّ كل دقيقة وكل ثانية لا تمرّ ولا ينبغي أن تمرّ دون استثمار معرفي ناجح، أو إنتاج علمي فاعل، أو تحصيل دراسي هادف، وباستثمار الوقت استثمارا صحيحاً تجد النجاح عنوان الطالب والمدرس والإداري والأكاديمي... فتجد التحصيل العلمي لدى الطالب قويا متيناً متميزاً، وتجد غزارة في الإنتاج العلمي عند عضو هيئة التدريس يؤدّي إلى تقدّم المعرفة وتطورها، وتجد كفاءة عالية عند الإداريين من الموظفين تنعكس إيجاباً على العمل الإداري. ولا عجب بعد ذلك أن نرى المفكر الجزائري مالك بن نبي يجعل الوقت شرطاً من شروط النهضة لأي أمة تحسن استثماره! والجامعات التي هي معامل العقول ومصانعها هي العمدة والأساس في عملية البناء الحضاري، فأمة تقدّر الوقت يمكن أن ترقى وتتطور، وأمة لا تقدر الوقت لا يمكن أن ترقى، ولا أن تنهض. ومجتمع لا يحترم الوقت هو مجتمع قد سيّج نفسه بسوار الجهل وأسوار التخلّف!
يهمنا أن نتحدث عن الوقت في بيئته الجامعية، حيث بات توظيفه توظيفاً مثمراً معضلة تواجه الطالب والإداري والأكاديمي، ويشكل أزمة لكل فئة عاملة في ذلك الحقل خاصة، بل ألقى بظلاله على العملية التعليمية، فملأ – الفراغ- وقت الطلبة وأساتذتهم، والإداريين ومسؤوليهم على حدّ سواء! وتحوّل العمل الأكاديمي إلى مجرد وظيفة، وتحوّل التحصيل الدراسي إلى وسيلة للحصول على وظيفة، أي وظيفة إن وجدت! ولم يعد طلب العلم هدفاً عند كثير ممن يجلسون على مقاعد الدراسة على اختلاف مستوياتها!
فالطالب الجامعي يمكث أربع سنوات في الجامعة دون أن يستثمر وقته بكتابة بحث، أو بكثرة مطالعة ومدارسة - وتراه في الامتحانات باحثاً عن كل عون ومساعدة – كذلك لا يشغل وقته بزيارة مكتبات عامة باحثاً في بطون الكتب أو مقلبا لصفحاتها، ولا يكلف نفسه عناء حضور ندوات ونقاشات علمية، أو حضور مناقشات لرسائل الماجستير والدكتوراه، ... فلما ساد الفراغ أوقاتهم أفرغ الطلاب طاقاتهم في المشاجرات والعنف، أو التسلية والطرب، أو التسكع والتكسّر! فأصبحت شخصية الطالب شخصية ضعيفة من حيث تكوينها العلمي وتحصيلها المعرفي ! يصدق هذا الوصف على كثير من طلبة العلوم الإنسانية خصوصاً.
وإذا نظرت في وقت الإداري كيف يستثمر، أي إداري، خذ السكرتارية من العمل الإداري مثلاً، سكرتير أو سكرتيرة عميد، أو رئيس قسم أكاديمي أو مدير دائرة أو معهد... واجمع ساعات العمل الحقيقي لهذا الموظف في اليوم، وانظر حجم المنجزات قياساً إلى ذلك الوقت؟ أليس في هذا هدر لطاقة كبيرة تشكل عبئا على ميزانية الجامعات، بدل أن تستثمر وتوظف بصورة فاعلة ! ألا يوجد في الجامعات برامج تأهيل وتطوير للطاقة الإدارية العاملة فيها حتى لا يبدّدها الفراغ، ويشتتها القيل والقال!
وبإمعان النظر في العمر الأكاديمي لعضو هيئة التدريس تلحظ فراغاً كبيراَ في ذلك العمر، وعلى افتراض أنّ هذا العضو يقضي ثلاثين سنة من عمره في الجامعة قبل أن يحال إلى التقاعد، فالمفترض أن يكون قد نشر ثلاثين بحثاً على الأقل، بمعدل بحث واحد في كل سنة دراسية، هذا هو الحد الأدنى المطلوب من عضو هيئة التدريس، لكن أن يقضي هذه المدة الطويلة ليكتب – في أحسن الأحوال- عشرة بحوث: أربعة بحوث للترقية إلى رتبة أستاذ مشارك وستة بحوث للترقية للأستاذية ثم بعدها يكسر قلمه، ويطوي صفحة البحثً العلمي إلى غير رجعة ! بل إنّ بعضهم يقضي هذه المدة دون أن ينشر أيّ بحث يذكر ... هذا الأمر ينبغي أن ترقبه الإدارات الأكاديمية التي تحرص على الرقي بعضو هيئة التدريس، فتشرع من الأنظمة، وتسنّ من التعليمات ما يضمن استمرارية العطاء البحثي لعضو هيئة التدريس على اختلاف رتبه العلمية.
كنت قد اقترحت على مدير جامعة عالمية، اقتراحاً يربط الإنتاج البحثي والعلمي بالزيادة السنوية التي تطرأ على راتب عضو هيئة التدريس، فأخذ بها على الفور لأنها قيادة أكاديمية جادّة يهمها أن ترقى بالبحث العلمي، فأصبحت الزيادة على الراتب مرهونة بما يقدّمه عضو هيئة التدريس من إنتاج علمي في تلك السنة، وتتوقف هذه الزيادة على الراتب إذا ما توقف عضو هيئة التدريس عن الإنتاج العلمي والبحثي! فأبدى أعضاء هيئة التدريس اهتماماً ملحوظاً بالبحث، وبدا يكون عندهم غزارة في الإنتاج العلمي انعكس إيجاباً على مستوى العملية التعليمية.
فعضو هيئة التدريس ينبغي أن يستثمر الوقت ليطوّر من نفسه علميا وبحثيا... لينعكس ذلك على أدائه في قاعات الدرس... فيشعر ويشعر طلابه أنه يأتي في كل فصل دراسي بجديد في العلم والمعرفة، فيتطور العلم، وتتطور المعرفة، أما أن يبقى عضو هيئة التدريس يدور في فلك معلومات ضحلة لا تزيد ولا تنمو! أو أن يدرس مادة ثم يمرّ عقد أو عقدان على تدريسه لتلك المادة فتستمع إليها فتجدها هي هي لم تتغير في قليل ولا كثير، حتى الأمثلة التي ضربها قبل عقدين يكرّرها اليوم دون تغيير ولا تجديد! ويزعم بعضهم أن لديه خبرة في العمل الأكاديمي تتجاوز ثلاثين عاما، وهي في الحقيقة خدمة أو خبرة سنة واحدة فقط، لكنها مكررة ثلاثين مرة ! فما الذي يشغل أعضاء هيئة التدريس؟ وأين التطوّر في الأداء التدريسي؟ أليس لدى إدارات الجامعات برامج ودورات تطوّر من هذا الأداء وترقى بمستواه؟





  • 1 طالب 14-05-2014 | 04:55 PM

    يعطيك العافيه دكتور ولكن نعاتبك وين رايك لما يحدث في كلية الدراسات الدولية الجامعة الاردنية والظلم الذي يقع على الطلاب وسياسات الترفيع وغيرها وشكرااا


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :