اكل اللبنانيون، واكلنا معهم «مقلباً» لا راد له، حين آمنوا ان الميثاق الوطني لعام 1993 هو المعطل لوصولهم الى الدولة المدنية الحديثة، لانه ميثاق «اقتسام» الطوائف للبلد!!.
في الوضع الذي يقف فيه اللبنانيون امامه الآن، ويعترفون بأهمية انتخاب رئيس للجمهورية، نلاحظ حكمة آباء الميثاق الوطني، فالرئيس الذي يجب ان يكون مارونياً هو الرئيس الذي ينتخبه المسلمون، السنّة والشيعة واهل الحكمة (الدروز)، لأن هناك اكثر من مرشح ماروني.. ولأن اصوات الموارنة الموزعة، لا توصل الى سدّة الرئاسة!!.
بالمناسبة، لا شيء يدل على ان احداً سيخلف الرئيس سليمان الذي تنتهي مدة رئاسته يوم 25 من ايار الحالي، وهو مصرٌّ على ان يذهب الى بيته، وعلى رفض مبدأ التمديد له كما حدث للرئيسين السابقين لحوّد والهراوي.
ورئيس لبنان ليس الوحيد الذي سيترك مقعده فارغاً، فالعراق أيضاً بلا رئيس، وسوريا يقاتل الرئيس شعبه ثم يطلب من ملايين المهجرين واللاجئين وسكان القبور والجرحى والمعوقين انتخابه، وبالنسبة الدائمة 9ر99!!. وفي مصر هناك رئيس مؤقت، وانتخابات رئاسة، ورئيسان في الحبس. وفي ليبيا لا رئيس ولا حكومة. وفي تونس رئيس مؤقت، وفي الجزائر رئيس على مقعد متحرك.
لا رؤساء في منطقة يتقاتل فيها الناس على الكراسي!! أليست هي الظاهرة الفريدة في عالم ينتخب فيه الناس رئيسهم باحترام، ويودعونه حين يذهب الى بيته سليماً معافى؟.
نحن فقط نحب رؤساءنا الى حد اعدامهم بطريقة مشينة، او نضعهم في السجن، او المنفى، ونهيل على رؤوسهم كل اتهامات الدنيا، حتى ان المصريين اعتقدوا فعلا ان حسني مبارك يملك 80 مليار دولار في الخارج!!. وان بن علي كان شريكا في كل مشروعات تونس. وان صدام حسين «اعتدى» على اميركا وعلى ايران وعلى الخليج العربي!!.
ونعود الى لبنان، ففي هذا البلد الصغير الجميل كان رؤساؤه يذهبون الى بيوتهم بعد انتهاء حكمهم حتى دخل «الاشقاء» الى قلب الكيان اللبناني، فقد تم قتل رئيسين قبل جلوسهما على الكرسي: بشير الجميّل، ورينيه معوّض، ولولا هؤلاء لكان رؤساء لبنان يموتون كما يموت البعير!!.
اقال الله عثرات الرؤساء، وغسل ايديهم من دم شعوبهم، ومتعهم بالصحة والعافية.. واعطى للشعوب التي بلا رؤساء احلاماً سعيدة برجال يهبطون من السماء.. ببركات الولي الفقيه مرشد الثورة، او مرشد الاخوان!! او بأدعية باراك اوباما!!
(الرأي)