الإيمان بالقوه أم بالإقناع
شحاده أبو بقر
13-05-2014 01:10 PM
يدرك البشر ، كل البشر ، ان الإيمان الإنساني بالفكرة العظيمة او الشخص العظيم هو بالضرورة
نتاج طبيعي لقناعة ذاتية تصنعها القدوة الحسنة والآنموذج الحسن ، وما خلا ذلك فهو إيمان كاذب ناتج أما عن خوف تصنعه القوة او هو نفاق بحثا عن مصلحة خاصة لا علاقة لها بالمجموع ولا تخدم أنيا سوى صاحبها او الباحث عنها ، ومن هنا وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد كان الرسول الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه والرسل عليهم السلام كافه رفعة عظيمة في تقديم القدوة الحسنة قولا وعملا على حد سواء ، وكان لذلك بالطبع الأثر الواضح في زرع الايمان في قلوب البشر ، والتوجه الى الله سبحانه بجوارحهم وكل ما في ذواتهم الحسية والروحانية من كيان.
والإيمان الحق الناتج عن قناعة راسخة هو حالة حب لا يمكن كسرها بفعل اعتى قوة على وجه الارض، فهي إرادة روحانية تخالط مشاعر الفرد ولا سبيل أبدا لقهرها إلا بالقناعة الذاتية النقيضة لها ،فحب إنسان لإنسان مثلا لايمكن تحويله لنقيضه إلا إذا ظهر في ألافق وبوضوح ما ينسف المبررات التي كانت سببا لذلك الحب ، والقناعة بفكرة لا يمكن نزعها من صاحبها إلا إذا اقتنع ذاتيا ودونما إكراه بعقمها وعدم وجاهتها وجدناها .
هذه الحقيقة تنسحب قطعا على كل سلوك آدمي في حياة البشر اجتماعيا كان أم ثقافيا أم سياسيا ام اقتصاديا ام من اي نوع كان، فالقانون الناظم للحياة العامة بمقدوره ان طبق بعدالة ان يعاقب كثيرا وان يردع قليلا لكنه يبقى عاجزا عن غرس الإيمان الذاتي في نفوس الناس بحتمية مقاربة الفضيلة والكف عن الإمعان في الخطاء ولسبب بسيط هو ان الإيمان لم يتولد في كيان هؤلاء الناس أصلا بان عليهم الكف عما يفعلون.
في بلادنا نحن العرب نؤمن بان الكلمة الطيبة تخرج الأفعى من جحرها ، وهذا ناجم عن اقرارنا الفطري بالقول العظيم ًادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم ً
والكلمة ذات اثر عظيم في نفوس المتلقين أما خيرا او شرا وفقا لمضمونها، والفعل الذي يترجم الكلمة الى عمل منظور أكبر أثرا كذلك ، ولهذا وجريا على ثقافتنا العامة فان اكثر المشكلات استعصاء يجري حلها بكلمة طيبه والعكس صحيح ودون الحاجة حتى. الى أعمال القانون ، لا بل فان أعمال القانون يسهم أحيانا في تأزيم النفوس ويفاقم المشكلة بدل ان يحلها ،وذلك خلافا للهدف من وجود هذا القانون أصلا ،. مع الاعتذار من دعاة دولة المؤسسات والقانون ،فالمهم هو الغاية من هذا القانون وليس القانون نفسه ، وعليه فان اصلاح الناس وإلزامهم باحترام القانون لا بد ان يتقدم على تطبيق هذارالقانون ابتداء ، فالمحاكم تعيد الحقوق لاصحابها لكنها لا تطيب نفوس المتخاصمين، في حين تفعل القدوة والكلمة الطيبة ذلك وبامتياز،ولا شك في ان الدعوة حتى الى الله سبحانه تكون بالقدوة والكلمة الطيبة لا بالأكراه او بالقوة والقول النزق.